حسرة احضري فهذا أوانك ﴿على مَا فَرَّطْنَا﴾
قصرنا ﴿فِيهَا﴾ في الحياة الدنيا أو في الساعة أي قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ آثامهم ﴿على ظُهُورِهِمْ﴾ خص الظهر لأن المعهود حمل الأثقال على الظهور كما عهد الكسب بالأيدي وهو مجاز عن اللزوم على وجه لا يفارقهم وقيل إن الكافر إذا خرج من قبره استقبله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحاً فيقول أنا عملك السيئ فطالما ركبتني في الدنيا وأنا أركبك اليوم ﴿أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ بئس شيئاً يحملونه وأفاد ألا تعظيم ما يذكر بعده
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢)
﴿وَمَا الحياة الدنيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ جواب لقولهم إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا واللعب ترك ما ينفع بما لا ينفع واللهو الميل عن الجد إلى الهزل قيل ما أهل الحياة الدنيا إلا أهل لعب ولهو وقيل ما أعمال الحياة الدنيا إلا لعب ولهو لانها لا تعقب منفعة كما تعقب أعمال الآخرة المنافع العظيمة ﴿وللدار﴾ مبتدأ ﴿الآخرة﴾ صفتها ودار الآخرة بالإضافة شامي أي ولدار الساعة الآخرة لأن الشئ لا يضاف إلى صفته وخبر المبتدأ على القراءتين ﴿خَيْرٌ لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ وفيه دليل على أما سوى أعمال المتقين لعب ولهو ﴿أفلا يعقلون﴾ بالتاء مدنى وحفص
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)
نزلت لما قال أبو جهل ما نكذبك يا محمد وإنك عندنا لمصدق وإنما نكذب ما جئتنا به نزل ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ﴾ الهاء ضمير الشأن ﴿لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ لا ينسبونك إلى الكذب وبالتخفيف نافع وعلى من أكذبه إذا وجده كاذباً ﴿ولكن الظالمين بآيات الله يَجْحَدُونَ﴾ من أقامة الظاهر مقام المضمر وفيه دلالة على أنهم ظلموا في جحودهم والباء يتعلق بيجحدون أو بالظالمين كقوله ﴿فظلموا بها﴾ والمعنى أن تكذيبك أمر راجع إلى الله لأنك رسوله المصدق بالمعجزات فهم لا يكذبونك في الحقيقة وإنما يكذبون الله لأن تكذيب الرسل تكذيب المرسل


الصفحة التالية
Icon