يَهْدِنِي رَبّي لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضآلين} نبه قومه على أن من اتخذ القمر إلها فهو ضال وإنما احتج عليهم بالأفول دون البزوع وكلاهما انتقال من حال إلى حال لأن الاحتجاج به أظهر لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)
﴿فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي﴾ وامنا ذكره لأنه أراد الطالع أو لأنه جعل المبتدأ مثل الخبر لأنهما شيء واحد معنى وفيه صيانة الرب عن شبهة التأنيث ولهذا قالوا في صفات الله تعالى علام ولم يقولوا علامة وان كان الثانى أبلغ تقاديا من علامة التأنيث ﴿هذا أَكْبَرُ﴾ من باب استعمال الصفة أيضا مع خصومه ﴿فلما أفلت قال يا قوم إِنّي بَرِىءٌ مّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ من الأجرام التي تجعلونها
الأنعام (٧٩ _ ٨٤)
شركاء لخالقها وقيل هذا كان نظره واستدلاله في نفسه فحكاه الله تعالى والأول أظهر لقوله يا قوم إنى برئ مما تشركون
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)
﴿إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِى فَطَرَ السماوات والأرض﴾ أي للذي دلت هذه المحدثات على أنه منشئها ﴿حَنِيفاً﴾ حال أي مائلاً عن الأديان كلها إلا هذا الإسلام ﴿وَمَا أَنَاْ مِنَ المشركين﴾ بالله شيئاً من خلقه
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠)
﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ﴾ في توحيد الله تعالى ونفى الشركاء عنه ﴿قَالَ أَتُحَآجُّونّي فِي الله﴾ في توحيده أَتُحَاجُّونّي مدني وابن ذكوان ﴿وَقَدْ هدان﴾ إلى التوحيد والياء في الوصل أبو عمرو ولما خوفوه أن معبوداتهم تصيبه بسوء قال ﴿وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبّي شَيْئاً﴾ أي لا أخاف معبوداتكم في وقت قط لأنها لا تقدر على منفعة ولا مضرة إلا إذا شاء ربي أن يصيبني منها بضر فهو قادر على أن يجعل فيما شاء نفعاً وفيما شاء ضراً لا الأصنام


الصفحة التالية
Icon