مبتدأ وما بعده أخبار مترادفة وهي ﴿الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خالق كُلِّ شَيْءٍ﴾ وقوله ﴿فاعبدوه﴾ مسبب عن مضمون الجملة أي من استجمعت له هذه الصفات كان هوالحقيقى بالعبادة فاعبدوه ولا تعبدوا من دونه من بعض خلقه ﴿وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ أي هو مع تلك الصفات مالك لكل شيء من الأَرزاق والآجال رقيب على الأعمال
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)
﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار﴾ لا تحيط به أو أبصار من سبق ذكرهم وتشبث المعتزلة بهذه الآية لا يستنب لأن المنفي هو الإدراك لا الرؤية والإدراك هو الوقوف على جوانب المرئي وحدوده وما يستحيل عليه الحدود والجهات يستحيل إدراكه لا رؤيته فنزل الإدراك من الرؤية منزلة الإحاطة من العلم ونفى الإحاطة التي تقتضي الوقوف على الجوانب والحدود لا يقتضى نفى
الأنعام (١٠٣ _ ١٠٧)
العلم به فهكذا هذا على أن مورد الآية وهو التمدح يوجب ثبوت الرؤية إذ نفي إدراك ما تستحيل رؤيته لا تمدح فيه لأن كل مالايرى لا يدرك وإنما التمدح بنفي الإدراك مع تحقيق الرؤية إذ انتفاؤه مع تحقق الرؤية دليل ارتفاع نقيصة التناهي والحدود عن الذات فكانت الآية حجة لنا علهيم ولو أنعموا النظر فيها لاغتنموا التقصي عن عهدتها ومن ينفي الرؤية يلزمه نفي أنه معلوم موجود والافكما يعلم موجودا بلاكيفية وجهة بخلاف كل موجود لم يجز أن يرى بلا كيفية وجهة بخلاف كل مرئي وهذا لأن الرؤية تحقق الشئ بالبصر كما هو فإن كان المرئي في الجهة يرى فيها وان كان إلا فى الجهة يرى لافيها ﴿وَهُوَ﴾ للطف إدراكه ﴿يُدْرِكُ الأبصار وَهُوَ اللطيف﴾ أي العالم بدقائق الأمور ومشكلاتها ﴿الخبير﴾ العليم بظواهر الأشياء وخفياتها وهو من قبيل اللف والنشر


الصفحة التالية
Icon