قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤)
﴿قَدْ جَاءكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ﴾ البصيرة نور القلب الذي به يستبصر القلب كما أن البصر نور العين الذي به تبصر أي جاءكم من الوحي والتنبيه ما هو للقلوب كالبصائر ﴿فَمَنْ أَبْصَرَ﴾ الحق وآمن ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ أبصر وإياها نفع ﴿وَمَنْ عَمِيَ﴾ عنه وضل ﴿فَعَلَيْهَا﴾ فعلى نفسه عمى وإياها ضر بالعمى ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها إنما أنا منذر والله هو الحفيظ عليكم
وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥)
الكاف في ﴿وكذلك نُصَرّفُ الآيات﴾ في موضع نصب صفة المصدر المحذوف أي نصرف الآيات تصريفاً مثل ما تلونا عليك ﴿وَلِيَقُولُواْ﴾ جوابه محذوف أي وليقولوا ﴿دَرَسْتَ﴾ نصرفها ومعنى دَرَسْتَ قرأت كتب أهل الكتاب دارست مكي وأبو عمرو أي دارست أهل الكتاب دَرَسْتَ شامي أي قدمت هذه الآية ومضت كما قالوا أساطير الأولين ﴿وَلِنُبَيِّنَهُ﴾ أي القرآن وإن لم يجر له ذكر لكونه معلوماً أو الآيات لانها فى معنى القرآن قبل اللام الثاينة حقيقة والأولى لام العاقبة والصيرورة أى لنصير عاقبة أمرهم إلى أن يقولوا درست وهو كقولك فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً وهم لم يلتقطوه للعداوة وإنما التقطوه ليصير لهم قرة عين ولكن صارت عاقبة أمرهم إلى العداوة فكذلك الآيات صرفت للتبيين ولم تصرف ليقولوا درست ولكن حصل هذا القول بتصريف الآيات كما حصل النبيين فشبه به وقيل ليقولوا لنبينه وعندنا ليس كذلك لما عرف ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ الحق من الباطل
اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦)
﴿اتبع مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ ولا تتبع أهواءهم ﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ اعتراض أكد به اتباع الوحي لا محل له من الإعراب أو حال من ربكم مؤكدة ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين﴾ في الحال إلى أن يرد الأمر بالقتال