المستخف به منكر له ودافع لكونه معتداً به ودفع نقيض الشيء تأكيد لثباته أو استئناف كأنهم اعترضوا عليهم بقولهم حين قالوا لهم إنا معكم إن كنتم معنا فلم توافقون المؤمنين فقالوا إنما نحن مستهزئون والاستهزاء السخرية والاستخفاف وأصل الباب الخفة من الهزء وهو القتل السريع وهزأ يهزأ مات على المكان
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)
﴿الله يستهزئ بِهِمُ﴾ أي يجازيهم على استهزائهم فسمى جزاء الاستهزاء باسمه كقوله تعالى وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مثلها فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه فسمى جزاء السيئة سيئة وجزاء الاعتداء اعتدوا وإن لم يكن الجزاء سيئة واعتداء وهذا لأن الاستهزاء لا يجوز على الله تعالى من حيث الحقيقة لأنه من باب العبث وتعالى عنه قال الزجاج هو الوجه المختار واستئناف قوله الله يستهزىء بهم من غير عطف في غاية الجزالة والفخامة وفيه أن الله تعالى هو الذي يستهزىء بهم الاستهزاء الأبلغ الذي ليس استهزاؤهم إليه باستهزاء لما ينزل بهم من النكال والذل والهوان ولما كانت نكايات الله وبلاياه تنزل عليهم ساعة فساعة قيل الله يستهزىء بهم ولم يقل الله مستهزئ بهم ليكون طبقا لقوله إنما نحن مستهزئون ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾ أي يمهلهم عن الزجاج ﴿فِي طغيانهم﴾ في غلوهم في كفرهم ﴿يَعْمَهُونَ﴾ حال أي يتحيرون ويترددون وهذه الآية حجة على المعتزلة في مسألة الأصلح
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)
﴿أولئك﴾ مبتدأ خبره ﴿الذين اشتروا الضلالة بالهدى﴾ أى استبدلوها به واختاروها
البقرة (١٦ _ ١٧)
عليه وإنما قال اشتروا الضلالة بالهدى ولم يكونوا على هدى لأنها في قوم آمنوا ثم كفروا أو في اليهود الذين كانوا مؤمنين بمحمد ﷺ فلما جاءهم كفروا به أو جعلوا لتمكنهم منه كأن الهدى قائم فيهم فتركوه بالضلالة وفيه دليل على جواز البيع تعاطياً لأنهم لم يتلفظوا بلفظ الشرا ولكن تركوا الهدى بالضلالة عن اختيارهم وسمي ذلك