نحشرهم أو ويوم نحشرهم قلنا ﴿يا معشر الجن قَدِ استكثرتم مّنَ الإنس﴾ أضللتم منهم كثيراً وجعلتموهم أتباعكم كما تقول استكثر الأمير من الجنود ﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مّنَ الإنس﴾ الذين أطاعوهم واستمعوا إلى وسوستهم ﴿رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾ أي انتفع الإنس بالشياطين حيث دلوهم على الشهوات وعلى أسباب التوصل إليها وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم في أغوائهم ﴿وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا﴾ يعنون يوم البعث وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين واتباع الهوى والتكذيب بالبعث وتحسر على حالهم ﴿قَالَ النار مَثْوَاكُمْ﴾ منزلكم ﴿خالدين فِيهَا﴾ حال والعامل معنى الإضافة كقوله تعالى ﴿أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين﴾ فمصبيحن الحال من هؤلاء والعامل في الحال معنى الاضافة إذ معناه الممازجة والمضامّة والمثوى ليس بعامل لأن المكان لا يعمل في شيء ﴿إِلاَّ مَا شَاءَ الله﴾ أي يخلّدون في عذاب النار الأبد كله إلا ماشاء الله إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب السعير إلى عذاب الزمهرير ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ﴾ فيما يفعل بأوليائه وأعدائه ﴿عَلِيمٌ﴾ بأعمالهم فيجزى كلا على وفق علمه
وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)
﴿وكذلك نُوَلّي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً﴾ نتبع بعضهم بعض في النار أو نسلط بعضهم على بعض أو نجعل بعضهم أولياء بعض ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ بسبب ما كسبوا من الكفر والمعاصي ثم يقال لهم يوم القيامة على جهة التوبيخ
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (١٣٠)
﴿يا معشر الجن والإنس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ﴾ عن الضحاك بعث إلى
الأنعام (١٣٠ _ ١٣٥)
الجن رسلا منهم كما بعث إلى الإنس رسلا منهم لأنهم به آنس وعليه ظاهر النص وقال آخرون الرسل من الإنس خاصة وإنما قيل رُسُلٌ


الصفحة التالية
Icon