يردفه اسم جنس أو ما يجري مجراه يتصف به حتى يتضح المقصود بالنداء فالذي يعمل فيه يا أي والتابع له صفته نحويا زيد الظريف إلا أن أيا لا يستقل بنفسه استقلال زيد فمم ينفك عن الصفة وكلمة التنبيه المقحمة بين الصفة وموصوفها لتأكيد معنى النداء وللعوض عما يستحقه أي من الإضافة وكثر النداء في القرآن على هذه الطريقة لأن ما نادى الله به عباده من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده أمور عظام وخطوب جسام يجب عليهم أن يتيقظوا لها ويميلوا بقلوبهم إليها وهم عنها غافلون فاقتضت الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ ﴿اعبدوا رَبَّكُمُ﴾ وحدوه قال ابن عباس رضى الله عنهما كل عبادة في القرآن فهي توحيد ﴿الذي خَلَقَكُمْ﴾ صفة موضحة مميزة لأنهم كانوا يسمون الآلهة أرباباً والخلق إيجاد المعدوم على تقدير واستواء وعند المعتزلة إيجاد الشيء على تقدير واستواء وهذا بناء على أن المعدوم شيء عندهم لأن الشيء ما صح أن يعلم ويخبر عنه عندهم وعندنا هو اسم للموجود خلقكم بالادغام أبو عمرو ﴿والذين مِن قَبْلِكُمْ﴾ احتج عليهم بأنه خالقهم وخالق من قبلهم لأنهم كانوا مقرين بذلك فقيل لهم إن كنتم مقرين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أي اعبدوا على رجاء أن تتقوا فتنجوا بسببه من العذاب ولعل للترجي والإطماع ولكنه إطماع من كريم فيجري مجرى وعده المحتوم وفاؤه وبه قال سيبويه وقال قطرب هو بمعنى كي أي لكي تتقوا
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)
﴿الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض﴾ أي صير ومحل الذي نصب على المدح أو رفع بإضمار هو ﴿فراشاً﴾ بساطاً تقعدون عليها وتنامون وتتقلبون وهو مفعول ثانٍ لجعل وليس فيه دليل على أن الأرض مسطحة أو كرية إذ الافتراش ممكن على التقديرين ﴿والسماء بِنَاءً﴾ سقفاً كقوله تعالى وجعلنا