﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ﴾ توبيخ على الخشية منهم ﴿فالله أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ﴾ بأن تخشوه فقاتلوا أعداءه ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ فاخشوه أي إن قضية الإيمان الكامل أن لا يخشى المؤمن إلا ربه ولا يبالي بمن سواه
قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)
ولما وبخهم الله على ترك القتال جردلهم الأمر به بقوله ﴿قاتلوهم﴾ ووعدهم النصر ليثبت قلوبهم وتصح نياتهم بقوله ﴿يُعَذّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ﴾ قتلاً ﴿وَيُخْزِهِمْ﴾ أسراً ﴿وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ يغلّبكم عليهم ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ﴾ طائفة منهم وهم خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)
﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ لما لقوا منهم من المكروه وقد حصل الله هذه المواعيد كلها فكان دليلاً على صحة نبوته ﴿وَيَتُوبُ الله على مَن يَشَاء﴾ ابتداء كلام وإخبار بأن بعض أهل مكة يتوب عن كفره وكان ذلك أيضاً فقد أسلم ناس منهم كأبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وهي ترد على المعتزلة قولهم إن الله تعالى شاء أن يتوب على جميع الكفرة لكنهم لا يتوبون باختيارهم ﴿والله عَلِيمٌ﴾ يعلم ما سيكون كما يعلم ما قد كان ﴿حَكِيمٌ﴾ في قبول التوبة
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦)
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ﴾ أم منقطعة والهمزة فيها للتوبيخ على وجود الحسبان أي لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يتبين المخلص منكم وهم الذين جاهدوا في سبيل الله لوجه الله ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المؤمنين وَلِيجَةً﴾ أي بطانة من الذين يضادون رسول الله ﷺ والمؤمنين ولما معناها التوقع وقد دلت على أن تبين ذلك


الصفحة التالية
Icon