وقيل شيئان فعلهما رسول الله ﷺ ولم يؤمر بهما إذنه للمنافقين وأخذه الفدية من الأسارى فعاتبه الله وفيه دليل جواز الاجتهاد للأنبياء عليهم السلام لأنه عليه السلام إنما فعل ذلك بالاجتهاد وإنما عوتب مع أن له ذلك لتركه الأضفل وهم يعاتبون على ترك الأفضل
لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤)
﴿لا يَسْتَأْذِنُكَ الذين يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر أَن يجاهدوا﴾ ليس من عادة المؤمنين أن يستأذوك في أن يجاهدوا ﴿بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ والله عَلِيمٌ بالمتقين﴾ عدة لهم بأجزل الثواب
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)
﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر﴾ يعني المنافقين وكانوا تسعة وثلاثين رجلاً ﴿وارتابت قُلُوبُهُمْ﴾ شكوا في دينهم واضطربوا في عقيدتهم ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ يتحيرون لأن التردد ديدن المتحير كما أن الثبات ديدن المستبصر
وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)
﴿وَلَوْ أَرَادُواْ الخروج لأَعَدُّواْ لَهُ﴾ للخروج أو للجهاد ﴿عدة﴾ اهبة لأنهم كانوا مياسير للغزو ولما كان وَلَوْ أَرَادُواْ الخروج معطياً معنى نفي خروجهم واستعدادهم قيل ﴿ولكن كَرِهَ الله انبعاثهم﴾ نهوضهم للخروج كأنه قيل ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ فكسلهم وضعف رغبتهم في الانبعاث والتثبيط التوقيف عن الأمر بالتزهيد فيه ﴿وَقِيلَ اقعدوا﴾ أي قال بعضهم لبعض أو قاله الرسول عليه السلام غضباً عليهم أو قاله الشيطان بالوسوسة ﴿مَعَ القاعدين﴾ هو ذم لهم وإلحاق بالنساء والصبيان والزمني الذين شأنهم القعود في البيوت


الصفحة التالية
Icon