السموات بعد ما خلق ما في الأرض من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شيء آخر والمراد بالسماء جهات العلو كأنه قيل ثم استوى إلى فوق والضمير في ﴿فسوّاهنّ﴾ مبهم يفسره ﴿سَبْعَ سماوات﴾ كقولهم ربه رجلاً وقيل الضمير راجع إلى السماء ولفظها واحد ومعناها الجمع لأنها في معنى الجنس ومعنى تسويتهن تعديل خلقن وتقويمه وإخلاؤه من العوج والفطور أو إتمام خلقهمن وثم هنا لبيان فضل خلق السموات على خلق الأرض ولا يناقض هذا قوله والأرض بعد ذلك دحاها لأن جرم الأرض تقدم خلقه خلق السماء وأما دحوها فمتأخر وعن الحسن خلق الله الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتزق بها ثم أصعد الدخان وخلق
البقرة (٢٩ _ ٣١)
منه السموات وأمسك الفهر في موضعها وبسط منها الأرض فذلك قوله تعالى ﴿كانتا رتقا﴾ وهو الالتزاق ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فمن ثم خلقهن خلقاً مستوياً محكماً من غير تفاوت مع خلق ما في الأرض على حسب حاجات أهلها ومنافعهم وهو وأخواته مدني غير ورش وَهُوَ هو وأبو عمرو وعلي جعلوا الواو كأنها من نفس الكلمة فصار بمنزلة عضد وهم يقولون فى عضد عضد بالسكون
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)
لما خلق الله تعالى الأرض أسكن فيها الجن وأسكن في السماء الملائكة فأفسدت الجن في الأرض فبعث إليهم طائفة من الملائكة فطردتهم إلى جزائر البحار ورءوس الجبال وأقاموا مكانهم فأمر نبيه عليه السلام أن يذكر قصتهم فقال ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة﴾ إذ نصب بإضمار اذكر والملائكة جمع ملاك كالشمائل جمع شمأل والحاق التاء بتأنيث الجمع ﴿إِنّي جَاعِلٌ﴾ أي مصير من جعل الذي له مفعولان وهما ﴿فِي الأرض خَلِيفَةً﴾ وهو من يخلف غيره فعيلة بمعنى فاعلة وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى خليفة منكم


الصفحة التالية
Icon