لأنهم كانوا سكان الأرض فخلقهم فيها آدم وذريته ولم يقل خلاف أو خلفاء لأنه أريد بالخليفة آدم واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغني بذكر أبي القبيلة في قولك مضر وهاشم أو اريد من يخلفكم أو خلفا يخلفكم فوحد لذلك أو خليفة مني لأن آدم كان خليفة الله في أرضه وكذلك كل نبى قال الله تعالى ﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض﴾ وإنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم أو ليعلِّم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها وإن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾ تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذي لا يجهل وإنما عرفوا ذلك بإخبار من الله تعالى أو من جهة اللوح أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر ﴿وَيَسْفِكُ الدماء﴾ أي يصب والواو في ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ﴾ للحال كما تقول أتحسن إلى فلان وأنا أحق منه بالإحسان ﴿بِحَمْدِكَ﴾ في موضع الحال أي نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى ﴿وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر﴾ أي دخلوا كافرين ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ ونطهر أنفسنا لك وقيل التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء من سبح في الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها وأبعد ﴿قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي أعلم من الحكم في ذلك ما هو خفي عليكم يعني يكون فيهم الأنبساء والأولياء والعلماء وما بمعنى الذي وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أى مالا تعلمونه إنى حجازى وأبو عمرو
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١)
﴿وعلم آدم﴾ هو اسم أعجمي وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزر واشتقاقهم آدم من أديم الأرض أو من الأدمة كاشتقاقهم يعقوب من العقب وإدريس من الدرس وإبليس من
البقرة (٣١ _ ٣٤)
الإبلاس ﴿الأسماء كُلَّهَا﴾ أي أسماء المسميات فحذف المضاف إليه لكونه معلوماً مدلولاً عليه بذكر الأسماء إذ الإسم يدل على المسمى وعوض منه اللام كقوله تعالى