كتبت بالقلم كان المعنى ولا تجعلوا الحق ملتبساً مشتبهاً بباطلكم الذي تكتبونه ﴿وَتَكْتُمُواْ الحق﴾ هو مجزوم داخل تحت حكم النهي بمعنى ولا تكتموا أو منصوب بإضمار أن والواو بمعنى الجمع أي ولا تجمعوا بين لبس الحق بالباطل وكتمان الحق كقولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن وهما أمران متميزان لأن لبس الحق بالباطل ما ذكرنا من كتبهم في التوراة ما ليس منهما وكتمانهم الحق أن يقولوا لانجد في التوراة صفة محمد أو حكم كذا ﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ في حال علمكم أنكم لابسون وكاتمون وهو أقبح لهم لأن الجهل بالقبيح ربما عذر مرتكبه
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ أي صلاة المسلمين وزكاتهم ﴿واركعوا مَعَ الراكعين﴾ منهم لأن اليهود لا ركوع في صلاتهم أي أسملوا وعملوا عمل أهل الإسلام وجاز أن يراد بالركوع الصلاة كما يعبر عنا بالسجود وأن يكون أمر بالصلاة مع المصلين يعني في الجماعة أي صلوها مع المصلين لا منفردين
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)
والهمزة في ﴿أَتَأْمُرُونَ الناس﴾ للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم ﴿بالبر﴾ أي سعة الخير والمعورف ومنه البر لسعته ويتناول كل خير ومنه قولهم صدقت وبررت وكان الأحبار يأمرون من نصحوه في السر من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد عليه السلام ولا يتبعونه وقيل كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون وإذا أتوا بالصدقات ليفرقوها خانوا فيها ﴿وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾ وتتركونها من البر كالمنسيات ﴿وأنتم تتلون الكتاب﴾ تبكيت أى تتلون التوراة وفيها نعت محمد عليه السلام أو فيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أفلا تفطنون لقبيح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه وهو توبيخ عظيم
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)
﴿واستعينوا﴾ على حوائجكم إلى الله ﴿بالصبر والصلاة﴾ أي بالجمع