البرهان بأنه سمع صوتاً إياك وإياها مرتين فسمع ثالثاً أعرض عنها فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضاً على أنملته وهو باطل ويدل على بطلانه قوله هى راودتنى عن نفسي ولو كان ذلك منه أيضاً لما برأ نفسه من ذلك وقوله كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ولو كان كذلك لم يكن السوء مصروفاً عنه وقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ولو كان كذلك لخانه بالغيب وقوله مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ من سوء الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ولأنه لو وجد منا ذلك لذكرت توبته واستغفاره كما كان لآدم ونوح وذي النون وداود عليهم السلام وقد سماه الله مخلصاً فعلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام وجاهد نفسه مجاهدة أولي العزم ناظر في دلائل التحريم حتى استحق من الله الثناء ومحل الكاف في ﴿كذلك﴾ نصب أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه أو رفع أي الأمر مثل ذلك ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء﴾ خيانة السيد ﴿والفحشاء﴾ الزنا ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين﴾ بفتح اللام حيث كان مدني وكوفي أي الذين أخلصهم الله لطاعته وبكسرها غيرهم أي الذين أخلصوا دينهم لله ومعنى من عبادنا بعض عبادنا أى هو مخلص من جملة المخلصين
وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)
﴿واستبقا الباب﴾ وتسابقا إلى الباب هي للطلب وهو للهرب على حذف الجار وإيصال الفعل كقوله واختار موسى قومه أو عل تضمين استبقا معنى ابتدرا نفر منها يوسف فأسرع يريد الباب ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج ووحد الباب وإن كان جمعه في قوله وغلقت الأبواب لأنه أراد الباب البراني الذي هو المخرج من الدار ولما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج