كل واحدة فدعته إلى نفسها سراً فالتجأ إلى ربه قال رب السجن أحب إلي من ركوب المعصية ﴿وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنّى كَيْدَهُنَّ﴾ فزع منه إلى الله في طلب العصمة ﴿أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ أمل إليهن والصبوة الميل إلى الهوى ومنه الصبا لأن النفوس تصبوا اليها الطيب نسيمها وروحها ﴿وَأَكُن مّنَ الجاهلين﴾ من الذين لا يعملون بما يعلمون لأن من لا جدوى لعلمه فهو ومن لم يعلم سواء أو من السفهاء
فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)
فلما كان في قوله وإلا تصرف عني كيدهن معنى طلب الصرف
يوسف (٣٤ _ ٣٧)
والدعاء قال ﴿فاستجاب لَهُ رَبُّهُ﴾ أي أجاب الله دعاءه ﴿فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السميع﴾ لدعوات الملتجئين إليه ﴿العليم﴾ بحاله وحالهن
ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)
﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ﴾ فاعله مضمر لدلالة ما يفسره عليه وهو ليسجننه والمعنى بدا لهم بداء أي ظهر لهم رأي والضمير في لهم للعزيز وأهله ﴿من بعد ما رأوا الآيات﴾ وهى الشواهد على برءاته كقد القميص وقطع الأيدي وشهادة الصبي وغير ذلك ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ لإبداء عذر الحال وإرخاء الستر على القيل والقال وما كان ذلك إلا باستنزال المرأة لزوجها وكان مطواعاً لها وحميلاً ذلولا زمامه فى يدها وقد طمعت أن يذلله السجن ويسخره لها أو خافت عليه العيون وظنت فيه الظنون فألجأها الخجل من الناس والوجل من الباس إلى أن رضيت بالحجاب مكان خوف الذهاب لتشتفي بخبره إذا منعت من نظره ﴿حتى حِينٍ﴾ إلى زمان كأنها اقترحت أن يسجن زماناً حتى تبصر ما يكون منه
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)
﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانَ﴾ عبدان للملك خبازه وشرابيه بتهمة السم فأدخلا السجن ساعة أدخل يوسف لأن مع يدل على معنى الصحبة تقول خرجت مع الأمير تريد مصاحباً له فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له ﴿قَالَ أَحَدُهُمَا﴾ أي شرابيه ﴿إِنّى أَرَانِى﴾ أي في المنام