وهي حكاية حال ماضية ﴿أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ أي عنباً تسمية للعنب بما يؤول إليه أو الخمر بلغته عمان اسم للعنب ﴿وَقَالَ الآخر﴾ أي خبازه ﴿إِنّى أَرَانِى أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ الطير مِنْهُ نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ بتأويل ما رأيناه ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين﴾ من الذين يحسنون عبارة الرؤيا أو من المحسنين إلى أهل السجن فإنك تداوى المريض وتعزى الحزين وتسوع على الفقير فأحسن الينا بتأويل ما رأيناه وقيل أنهما تحالماله يمتحناه فقال الشرابي إني رأيت كأني في بستان فإذا بأصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فقطفتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته وقال الخباز إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها أنواع الأطعمة فإذا سباع الطير تنهش منها
قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٧)
﴿قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ أي لبيان ماهيته وكيفيته لأن ذلك يشبه تفسير المشكل ﴿قبل أن يأتيكما﴾ لما استعبراه ووصفاه بالإحسان افترض ذلك فوصل به وصف نفسه بما هو فوق علم العلماء وهو الإخبار بالغيب وأنه ينبئهما بما يحمل اليهما من الطعام فى
يوسف (٣٧ _ ٤٠)
السجن قبل أن يأتيهما ويصفه لهما ويقول اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت فيكون كذلك وجعل ذلك تخلصاً إلى أن يذكر لهما التوحيد ويعرض عليهما الإيمان ويزينه لهما ويقبح إليهما الشرك وفيه أن العالم إذا جهلت منزلته في العلم فوصف نفسه بما هو بصدده وغرضه أن يقتبس منه لم يكن من باب التزكية ﴿ذلكما﴾ إشارة لهما إلى التأويل أي ذلك التأويل والإخبار بالمغيبات ﴿مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى﴾ وأوحى به إلي ولم أقله عن تكهن وتنجم ﴿إِنّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بالله وَهُمْ بالأخرة هُمْ كافرون﴾ يجوز أن يكون