حَاشَ للَّهِ} تعجبا من قدرته على خلق عفيف مثله ﴿مَا عَلِمْنَا عليه من سوء﴾ من ذنب ﴿قالت امرأة العزيز الآن حَصْحَصَ الحق﴾ ظهر واستقر ﴿أَنَاْ راودته عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين﴾ في قوله هي روادتنى عن نفسى ولا مزيد على شهادتهن له للبرءاة والنزاهة واعترافهن على انفسهن بانه لم يتعلق بشيء مما قذف به ثم رجع الرسول إلى يوسف وأخبره بكلام النسوة وإقرار امرأة العزيز وشهادتها على نفسها
ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢)
فقال يوسف ﴿ذلك﴾ أي امتناعي من الخروج والتثبت لظهور البرءاة ﴿ليعلم﴾ العزيز ﴿أني لم أخنه بالغيب﴾ بظهور الغيب فى حرمته وبالغيب حال ٨ من الفاعل أو المفعول على معنى وأنا غائب عنه أو وهو غائب عني أو ليعلم الملك أني لم أخن العزيز ﴿وَأَنَّ الله﴾ أي وليعلم أن الله ﴿لاَ يَهْدِى كَيْدَ الخائنين﴾ لا يسدده وكأنه تعريض بامرأته في خيانتها أمانة زوجها
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)
ثم أراد أن يتواضع لله ويهضم نفسه لئلا يكون لها مزكياً وليبين أن ما فيه من الأمانة بتوفيق الله وعصمته فقال ﴿وما أبرئ نَفْسِى﴾ من الزلل وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أزكيها في عموم الأحوال أو في هذه الحادثة لما ذكرنا من الهم الذى هو الخطرة البشرية لاعن طريق القصد والعزم ﴿إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسوء﴾ أراد الجنس أي إن هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه لما فيه من الشهوات ﴿إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى﴾ إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة ويجوز أن يكون ما رحم في معنى الزمان أي إلا وقت رحمة ربي يعني أنها أمارة بالسوء في كل وقت إلا وقت العصمة أو هو استثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة وقيل هو من كلام امرأة العزيز أي ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصدق فيما سئلت عنه وما أبرئ


الصفحة التالية
Icon