الله واظهاره أمرا عجيبا
يونس (١٦ _ ١٩)
خارجاً عن العادات وهو أن يخرج رجل أمي لم يتعلم ولم يشاهد العلماء فيقرأ عليكم كتاباً فصيحاً يغلب كل كلام فصيح ويعلو على كل منثور ومنظوم مشحوناً بعلوم الأصول والفروع والإخبار عن الغيوب التي لا يعلمها إلا الله ﴿وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ ولا أعلمكم الله بالقرآن على لساني ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مّن قَبْلِهِ﴾ من قبل نزول القرآن أي فقد أقمت فيما بينكم أربعين سنة ولم تعرفوني متعاطياً شيئاً من نحوه ولا قدرت عليه ولا كنت موصوفاً بعلم وبيان فتتهموني بإختراعه ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ فتعلموا أنه ليس إلا من عند الله لا من مثلى وهذا جواب عما دسوه تحت قوله ائت بقرآن غير هذا من إضافا الافترءا إليه
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧)
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا﴾ يحتمل أن يريد افتراء المشركين على الله في أنه ذو شريك وذو ولد وأن يكون تفادياً مما أضافوه إليه من الافتراء ﴿أو كذّب بآياته﴾ بالقرآن فيه بيان أن الكاذب على الله والمكذب بآياته في الكفر سواء ﴿إِنَّهُ لا يُفْلَحُ الْمُجرِمُون﴾
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)
﴿ويعبدون من دون الله ما لا يَضُرُّهُمْ﴾ إن تركوا عبادتها ﴿وَلاَ يَنفَعُهُمْ﴾ إن عبدوها ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاء﴾ أي الأصنام ﴿شفعاؤنا عِندَ الله﴾ أي في أمر الدنيا ومعيشتها لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله من يموت أو يوم القيامة أن يكن بعث ونشور ﴿قُلْ أَتُنَبّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ﴾ أتخبرونه بكونهم شفعاء عنده وهو إنباء بما ليس بمعلوم لله وإذا لم يكن معلوماً له وهو عالم بجميع المعلومات لم يكن شيئاً وقوله ﴿فِى السماوات وَلاَ فِى الأرض﴾ تأكيد لنفيه لأن ما لم يوجد فيهما فهو معدوم ﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ نزَّه ذاته عن أن يكون له


الصفحة التالية
Icon