والمكر إخفاء الكيد وطيه من الجارية الممكورة المطوية الخلق ومعنى مستهم خالطتهم حتى أحسوا بسوءأثرها فيهم وإنما قال ﴿قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْرًا﴾ ولم يصفهم بسرعة المكر لأن كلمة المفاجأة دلت على ذلك كأنه قال وإذا رحمناهم من بعد ضراء فاجؤا وقوع المكر منهم وسارعوا إليه قبل أن يغسلوا رءوسهم من مس الضراء ﴿إِنَّ رُسُلَنَا﴾ يعني الحفظة ﴿يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ إعلام بأن ما تظنونه خافياً لا يخفى على الله وهو منتقم منكم وبالياء سهل
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)
﴿هُوَ الذى يُسَيّرُكُمْ فِى البر والبحر﴾ يجعلكم قادرين على قطع المسافات بالأرجل والدواب والفلك الجارية في البحار أو يخلق فيكم السير ينشرُكم شامي ﴿حتى إِذَا كُنتُمْ فِى الفلك﴾ أي السفن ﴿وَجَرَيْنَ﴾ أي السفن ﴿بِهِمُ﴾ بمن فيها رجوع من الخطاب إلى الغيبة للمبالغة ﴿بريح طيبة﴾ لينة الهبوب لاعاصفة ولا ضعيفة ﴿وَفَرِحُواْ بِهَا﴾ بتلك الريح للينها واستقامتها ﴿جَاءتْهَا﴾ أي الفلك أو الريح الطيبة أي تلقتها ﴿رِيحٌ عَاصِفٌ﴾ ذات عصف أي شديدة الهبوب ﴿وَجَاءهُمُ الموج﴾ هو ما علا على الماء ﴿مّن كُلّ مَكَانٍ﴾ من البحر أو من جميع أمكنة الموج ﴿وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أحيط بهم﴾ أهلكوا جعل إحاطة العدوا بالحي مثلاً في الإهلاك ﴿دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾ من غير إشراك به لأنهم
يونس (٢٢ _ ٢٤)
لا يدعون حينئذ معه غيره يقولون ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذه﴾ الأهوال أو من هذه الريح ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين﴾ لنعمتك مؤمنين بك متمسكين بطاعتك ولم يجعل الكون في الفلك غاية للتسيير في البحر ولكن مضمون الجملة الشرطية الواقعة بعد حتى بما في حيزها كأنه قيل يسيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثة وكان كيت وكيت من مجئ الريح العاصف وتراكم الأمواج والظن بالهلاك والدعاء بالإنجاء وجواب إذا جاءتها ودعوا بدل من