إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا} زينتها بالنبات واختلاف ألوانه ﴿وازينت﴾ وتزينت به وهو أصله وأدغمت التاء في الزاي وهو كلام فصيح جعلت الأرض آخذة زخرفها على التمثيل بالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة من كل لون فاكتستها وتزينت بغيرها من
يونس (٢٤ _ ٢٥)
ألوان الزين ﴿وَظَنَّ أَهْلُهَا﴾ أهل الأرض ﴿أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾ متمكنون من منفعتها محصلون لثمرتها رافعون لغلتها ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا﴾ عذابنا وهو ضرب زرعها ببعض العاهات بعد أمنهم واستيقانهم أنه قد سلم ﴿ليلا أو نهارا فجعلناها﴾ فجعلنا زرعها ﴿حَصِيداً﴾ شبيهاً بما يحصد من الزرع في قطعه واستئصاله ﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ﴾ كأن لم يغن زرعها أي لم يلبث حذف المضاف فى هذه المواضع لا بدمنه ليستقيم المعنى ﴿بالأمس﴾ هو مثل في الوقت القريب كأنه قيل كأن لم تغن آنفاً ﴿كذلك نُفَصّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فينتفعون بضرب الأمثال وهذا من التشبيه المركب شبهت حال الدنيا في سرعة تقضيها وانقراض نعيمها بعد الإقبال بحال نبات الأرض في جفاقه وذهابه حطاماً بعدما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه وحكمة التشبيه التنبيه على أن الحياة صفوها شبيتها وكدرها شيبتها كما أن صفوالماء في أعلى الإناء قال

ألم تر أن العمر كأس سلافة فأوله صفو وآخره كدْر
وحقيقة تزيين جثة الطين بمصالح الدنيا والدين كاختلاط النبات على اختلاف التلوين فالطينة الطيبة تنبت بساتين الانس ورياحين الرحوح وزهرة الزهد وكروم الكرم وحبوب الحب وحدائق الحقيقة وشقائق الطريقة


الصفحة التالية
Icon