وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥)
﴿واستفتحوا﴾ واستنصروا الله على أعدائهم وهو معطوف على أوحى إليهم ﴿وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ﴾ وخسر كل متكبر بطر ﴿عَنِيدٍ﴾ مجانب للحق معناه فنصروا وظفروا وأفلحوا وخاب كل جبار عنيد وهم قومهم وقيل الضمير لكفار ومعناه واستفتح الكفار على الرسل ظناً منهم بأنهم على الحق والرسل على الباطل وخاب كل جبار عنيد منهم ولم يفلح باستفتاحه
مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦)
﴿مِّن وَرَآئِهِ﴾ من بين يديه ﴿جَهَنَّمُ﴾ وهذا وصف حاله وهو في الدنيا لأنه مرصد لجهنم فكأنها بين يديه وهو على شفيرها أو وصف حاله في الآخرة حيث يبعث ويوقف ﴿ويسقى﴾ معطوف على محذوف تقديره من ورائه جهنم يلقى فيها ما يلقى ويسقى ﴿مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ﴾ ما يسيل من جلود اهل النار وصديد عطف بيان الماء لأنه مبهم فبين بقوله صديد
يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧)
﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾ يشربه جرعة جرعة ﴿وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾
ولا يقارب أن يسيغه فكيف تكون الإساغة كقوله لم يكد يراها أي لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها ﴿وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾ أي أسباب الموت من كل جهة أو من كل مكان من جسده وهذا لفظيع لما يصيبه من الآلام أي لو كان ثمة موت لكان كل واحد منها مهلكاً ﴿وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ لأنه لو مات لاستراح ﴿وَمِن وَرَائِهِ﴾ ومن بين يديه ﴿عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ أي في كل وقت يستقبله يتلقى عذاباً أشد مما قبله وأغلظ وعن الفضيل هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد
مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)
﴿مَثَلُ الذين﴾ مبتدأ محذوف الخبر أي فيما يتلى عليكم مثل الذين ﴿كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ﴾ والمثل مستعار للصفة التي فيها غرابة وقوله ﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ﴾ جملة


الصفحة التالية
Icon