كقوله والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ﴾ أي عقوبتهم ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار﴾ أي أبصارهم لا تقرفي أماكنها من هول ما ترى
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)
﴿مهطعين﴾ مسرعين إلى الداعى ﴿مقنعي رؤوسهم﴾ رافعيها ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ صفر من الخير لا تعي شيئاً من الخوف والهواء الخلاء الذي لم تشغله الأجرام فوصف به فقيل قلب فلان هواء إذا كان جباناً لا قوة في قلبه ولا جراءة وقيل جُوف لا عقول لهم
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (٤٤)
﴿وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب﴾ أي يوم القيامة ويوم مفعول ثان لأنذر لا ظرف إذ الإنذار لا يكون في ذلك اليوم ﴿فَيَقُولُ الذين ظَلَمُواْ﴾ أي الكفار ﴿رَبَّنَا أَخّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل﴾ أي ردنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمد وحدّ من الزمان قريب نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك فيقال لهم ﴿أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مّن زَوَالٍ﴾ أي حلفتم في الدنيا أنكم إذا متم لا تزالون عن تلك الحالة ولا تنتقلون إلى دار أخرى يعني كفرتم بالبعث كقوله وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله من يموت وما لكم جواب القسم وإنما جاء بلفظ الخطاب كقوله أقسمتم ولو حكى لفظ المقسمين لقيل ما لنا من زوال أو أريد باليوم يوم هلاكهم بالعذاب العاجل أو يوم موتهم معذبين بشدة السكرات ولقاء الملائكة بلا بشرى فإنهم يسألون يؤمنذ أن يؤخرهم ربهم إلى أجل قريب
وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥)
يقال سكن الدار وسكن فيها ومنه ﴿وَسَكَنتُمْ فِي مساكن الذين ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ﴾ بالكفر لأن السكنى من السكون وهو اللبث والأصل تعديته بفي نحو قرفى الدار وأقام فيها ولكنه لما نقل إلى سكون خاص


الصفحة التالية
Icon