من أوتي القرآن فرأى أن أحداً أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغّر عظيماً وعظم صغيراً ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ أي لا تتمن أموالهم ولا تحزن عليهم أنهم لم يؤمنوا فيتقوى بمكانهم الإسلام والمسلمون ﴿واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وطب نفساً عن إيمان الأغنياء
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩)
﴿وَقُلْ﴾ لهم ﴿إِنِّى أَنَا النذير المبين﴾ أنذركم ببيان وبرهان أن عذاب الله نازل بكم
كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠)
﴿كَمَآ أَنْزَلْنَا﴾ متعلق بقوله ولقد آتيناك أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا ﴿عَلَى المقتسمين﴾ وهم أهل الكتاب
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)
﴿الذين جعلوا القرآن عِضِينَ﴾ أجزاء جمع عضة وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء حيث قالوا بعنادهم بعضه حق موافق للتوارة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه وقيل كانوا يستهزءون به فيقول بعضهم سورة البقرة لي ويقول
الحجر (٩١ _ ٩٩)
الآخر سورة آل عمران لي أو أريد بالقرآن ما يقرءونه من كتبهم وقد اقتسموه فاليهود أقرت ببعض التوارة وكذبت ببعض والنصارى أقرت ببعض الإنجيل وكذبت ببعض ويجوز أن يكون الذين جعلوا القرآن عضين منصوبا بالنذير أي أنذر المعضين الذين يجزءون القرآن إلى سحر وشعر وأساطير مثل ما أنزلنا على المقتسمين وهم الاثنا عشر الذين اقتسموا مداخل مكة أيام الموسم فقعدوا في كل مدخل متفرقين لينفروا الناس عن الإيمان برسول الله ﷺ يقول بعضهم لا تغتروا بالخارج منا فإنه ساحر ويقول الآخر كذاب والآخر شاعر فأهلكهم الله ولا تمدن عينيك على الوجه الآول اعترض بينهما لأنه لما كان ذلك تسلية لرسول الله ﷺ عن تكذيبهم وعداوتهم اعترض بما هو مدار لمعنى التسلية من النهي عن الإلتفات


الصفحة التالية
Icon