ثم
دل على وحدانيته وأنه لا إله إلا هو بما ذكر مما لا يقدر عليه غيره من خلق السموات والأرض وهو قوله ﴿خَلَقَ السماوات والأرض بالحق تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ وبالتاء في الموضعين حمزة وعلى
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤)
وخلق الإنسان وما يكون منه وهو قوله ﴿خَلَقَ الإنسان مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مبين﴾ أي فاذا هو منطبق مجادل عن نفسه مكافح لخصومه مبين لحجته بعد ما كان نطفة لاحس به ولا حركة أو فإذا هو خصيم لربه منكر على خالقه قائل من يحيى العظام وهي رميم وهو وصف للإنسان بالوقاحة والتمادي في كفران النعمة
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)
وخلق ما لا بد له منه من خلق البهائم لأكله وركوبه وحمل أثقاله وسائر حاجاته وهو قوله ﴿والأنعام خَلَقَهَا لكم﴾ هي الأزواج الثمانية وأكثر ما يقع على الإبل وانتصابها بمضمر يفسره الظاهر كقوله والقمر قدرناه منازل أو بالعطف على الإنسان أي خلق الإنسان والأنعام ثم قال خلقها لكم أي ما خلقها إلا لكم يا جنس الإنسان
النحل (٥ _ ٩)
﴿فِيهَا دِفْءٌ﴾ هو اسم ما يدفأ به من لباس معمول من صوف أو وبر أو شعر ﴿ومنافع﴾ وهي نسلها ودرها ﴿وَمِنْهَا تأكلون﴾ قدم الظرف وهو يؤذن بالاختصاص وقد يؤكل من غيرها لأن الأكل منها هو الأصل الذي يعتمده الناس في معايشهم وأما الأكل من غيرها كالدجاج والبط وصيد البر والبحر فكغير المعتد به وكالجاري مجرى التفكه
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦)
﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾ تردونها من مراعيها إلى مراحها بالعشي ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ ترسلونها بالغداة إلى مسارحها من الله تعالى بالتجميل بها كما