الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)
﴿الذين صَبَرُواْ﴾ أي هم الذين صبروا أو أعني الذين صبروا وكلاهما مدح أي صبروا على مفارقة الوطن الذي هو حرم الله المحبوب في كل قلب فكيف بقلوب قوم هو مسقط رءوسهم وعلى المجاهدة وبذل الأرواح في سبيل الله ﴿وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أي يفوضون الأمر إلى ربهم ويرضون بما أصابهم في دين الله
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)
ولما قالت قريش الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً نزل ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قبلك إلا رجالا نوحي اليهم﴾ على ألسنة الملائكة نوحي حفص ﴿فاسألوا أَهْلَ الذكر﴾ أهل الكتاب ليعلموكم أن الله لم يبعث إلى الأمم السالفة إلا بشراً وقيل للكتاب الذكر لأنه موعظة وتنبيه للغافلين ﴿إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)
﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ أي بالمعجزات والكتب والباء يتعلق برجالا صفة له أي رجالاً ملتبسين بالبينات أو بأرسلنا مضمراً كأنه قيل بم أرسل الرسل فقيل بالبينات أو بيوحى أي يوحى اليهم بالبينات أو بلا تعلمون وقوله فاسئلوا أهل الذكر اعتراض على الوجوه المتقدمة وقوله ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر﴾ القرآن ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا به وأوعدوا ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في تنبيهاته فينتبهوا
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٤٥)
﴿أفأمن الذين مكروا السيئات﴾ أي المكرات والسيئات وهم أهل مكة وما مكروا به رسول الله عليه السلام ﴿أَن يَخْسِفَ الله بِهِمُ الأرض﴾ كما فعل بمن تقدمهم ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أي بغتة