سيئة قلت كل ذلك إحاطة بما نهى عنه خاصة لا بجميع الخصال المعدودة
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدم من قوله لا تجعل مع الله الها آخر إلى هذه الغاية ﴿مِمَّا أوحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحكمة﴾ مما يحكم العقل بصحته وتصلح النفس بأسوته ﴿وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها آخر فتلقى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا﴾ مطروداً من الرحمة عن ابن عباس رضي الله عنهما هذه الثماني عشرة آية كانت في ألواح موسى عليه السلام أولها لا تجعل مع الله إلها آخر وآخرها مدحوراً ولقد جعلت فاتحتها وخاتمتها والنهى عن الشرك لأن التوحيد رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم تنفعه حكمة وإن بذفيها الحكماء وحك بيافوخه السماء وما أعنت عن الفلاسفة أسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم
أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)
ثم خاطب الذين قالوا الملائكة بنات الله بقوله ﴿أَفأصفاكم رَبُّكُم بالبنين﴾ الهمزة للإنكار يعني أفخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد وهم البنون ﴿واتخذ من الملائكة إِنَاثًا﴾ واتخذ أدونهم وهي البنات وهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم فالعبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها ويكون أردؤها وأدونها للسادات ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا﴾ حيث أضفتم إليه الأولاد وهي من خواص الأجسام ثم فضلتم عليه أنفسكم حيث تجعلون له ما تكرهون
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤١)
﴿ولقد صرفنا في هذا القرآن﴾ أي التنزيل والمراد ولقد صرفناه أي هذا المعنى في مواضع من التنزيل فترك الضمير لأنه معلوم ﴿لّيَذْكُرُواْ﴾ وبالتخفيف حمزة وعلي أي كررناه ليتعظوا ﴿وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا﴾ عن الحق