قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١)
﴿قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقًا مما يكبر في صدوركم﴾ أي السموات والأرض فإنها تكبر عندكم عن قبول الحياة ﴿فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ﴾ يعيدكم ﴿الذى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ والمعنى أنكم تستبعدون أن يجدد الله خلقكم ويرده إلى حال الحياة بعدما كنتم عظاماً يابسة مع أن العظام بعض أجزاء الحي بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره فليس ببدع أن يردها الله بقدرته إلى الحالة الأولى ولكن لو كنتم أبعد شيء من الحياة هو أن تكونوا حجارة أو حديداً لكان قادراً على أن يردكم إلى حال الحياة ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ﴾ فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاءً ﴿وَيَقُولُونَ متى هو﴾ أي البعث استعبادا له ونفياً ﴿قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾ أي هو قريب وعسى للوجوب
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (٥٢)
﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ﴾ إلى المحاسبة وهو يوم القيامة ﴿فتستجيبون بحمده﴾ أي تجبيبون حامدين والياء للحال عن سعيد بن جبير ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك ﴿وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أي لبثاً قليلاً أو زماناً قليلاً في الدنيا أو في القبر
وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣)
﴿وَقُل لّعِبَادِى﴾ وقل للمؤمنين ﴿يَقُولُواْ﴾ للمشركين الكلمة ﴿التى هِىَ أَحْسَنُ﴾ وألين ولا يخاشنوهم وهي أن يقولوا يهديكم الله ﴿إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بينهم﴾ يلقى بينهم الفساد وويغرى بعضهم على بعض ليوقع بينهم المشاقة والنزع إيقاع الشر وإفساد ذات البين وقرأ طلحة ينزغ بالكسر وهم لغتان ﴿إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا﴾ ظاهر العداوة
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (٥٤)
أو فسر التي هي أحسن بقوله ﴿رَّبُّكُمْ أعلم بكم إن يشأ يرحمكم﴾


الصفحة التالية
Icon