على الطاعة ففيهم عقل بلا شهوة وفي البهائم شهوة بلا عقل وفي الآدمي كلاهما فمن غلب عقله شهوته فهو أكرم من الملائكة ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم ولأنه خلق الكل لهم وخلقهم لنفسه
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧١)
﴿يوم ندعوا﴾ منصوب باذكر ﴿كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم﴾ الباء للحال والتقدير مختلطين بامهم أي بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين فيقال يا أتباع فلان يا أهل دين كذا أو كتاب كذا وقيل بكتاب أعمالهم فيقال يا أصحاب كتاب الخير ويا أصحاب كتاب الشر ﴿فَمَنْ أُوتِىَ﴾ من هؤلاء المدعوين ﴿كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم﴾ وإنما قيل أولئك لأن من في معنى الجمع ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ ولا ينقصون من ثوابهم أدنى شيء ولم يذكر الكفار وإيتاء كتبهم بشمالهم اكتفاء بقوله
وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)
﴿وَمَن كَانَ فِى هذه﴾ الدنيا ﴿أعمى فَهُوَ فِى الآخرة أعمى﴾ كذلك ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ من الأعمى أي أضل طريقاً والأعمى مستعار ممن لا يدرك المبصرات لفساد حاسته لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة أما في الدنيا فلفقد النظر وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إليه وقد جوّزوا أن يكون الثاني بمعنى التفضيل بدليل عطف وأضل ومن ثم قرأ أبو عمرو والأول ممالاً والثاني مفخماً لأن أفعل التفضيل تمامه بمن فكانت ألفه في حكم الواقعة في وسط الكلمة فلا يقبل الإمالة وأما الأول فلم يتعلق به شيء فكانت ألفه واقعة في الطرف فقبلت الإمالة وأمالهما حمزة وعلي وفخمهما الباقون
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٧٣)
ولما قالت قريش اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة حتى نؤمن بك نزل ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ﴾ إن مخففة من الثقيلة واللام فارقة
الإسراء (٧٣ _ ٧٨)
بينها وبين النافية والمعنى إن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين ﴿عَنِ الذى أوحينا إليك﴾ من أوامرنا ونواهينا ووعيدنا