دارهم معدودة فهي على القلة لأنهم كانوا يعدون القليل ويزنون الكثير
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢)
﴿ثُمَّ بعثناهم﴾ أيقظناهم من النوم ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الحزبين﴾ المتخلفين منهم في مدة لبثهم لأنهم لما انتبهوا اختلفوا في ذلك وذلك قوله قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ وكان الذين قالوا ربكم أعلم بما لبثتم هم الذين علموا أن لبثهم قد تطاول أو أي الحزبين المختلفين من غيرهم ﴿أحصى لما لبثوا أمدا﴾ غاية وأحصى فعل ماض وأمدا ظرف لأحصى أو مفعول به والفعل الماضي خبر المبتدأ وهو أي والمبتدا مع خبره سد مسد مفعولي نعلم والمعنى أيهم ضبط أمداً لأوقات لبثهم وأحاط علماً بأمد لبثهم ومن قال أحصى أفعل من الإحصاء وهو العد فقد زل لأن بناءه من غير الثلاثي المجرد ليس بقياس وإنما قال لنعلم مع أنه تعالى لم يزل عالماً بذلك لأن المراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيماناً واعتباراً وليكون لطفاً لمؤمني زمانهم وآية بينة لكفاره أو المراد لنعلم اختلافهما موجوداً كما علنماه قبل وجوده
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣)
﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق﴾ بالصدق ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ﴾ جمع فتى والفتوة بذل الندى وكف الأذى وترك الشكوى واجتناب المحارم واستعمال المكارم وقيل الفتى من لا يدعي قبل الفعل ولا يزكي نفسه بعد الفعل ﴿آمنوا بِرَبّهِمْ وزدناهم هُدًى﴾ يقينا وكانوا من خواص دقيانوس قد قذف الله في قلوبهم الإيمان وخاف بعضهم بعضاً وقالوا ليخل اثنان اثنان منا فيظهر كلاهما ما يضمر لصاحبه ففعلوا فحصل اتفاقهم على الإيمان
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤)
﴿وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ﴾ وقويناها بالصبر على هجران الأوطان والفرار بالدين إلى بعض الغيران وجسرناهم على القيام بكلمة الحق والتظاهر بالإسلام ﴿إِذْ قَامُواْ﴾ بين يدي الجبار وهو دقيانوس من غير مبالاة به حين