﴿وَكَلْبُهُمْ باسط ذِرَاعَيْهِ﴾ حكاية حال ماضية لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان في معنى المضي ﴿بالوصيد﴾ بالفناء أبو بالعتبة ﴿لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ﴾ لو أشرفت عليهم فنظرت إليهم ﴿لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ﴾ لأعرضت عنهم وهربت منهم ﴿فِرَاراً﴾ منصوب على المصدر لأن معنى وليت منهم فررت منهم ﴿ولملئت منهم﴾ وبتشديد اللام حجازي للمبالغة ﴿رُعْبًا﴾ تمييز وبضم العين شامي وعلي وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملأه وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة أو لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم وعن معاوية أنه غزا الروم فمر بالكهف فقال أريد أن أدخل فقال ابن عباس رضي الله عنهما لقد قيل لمن هو خير منك لوليت منهم فراراً فدخلت جماعة بأمره فأحرقتهم ريح
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (١٩)
﴿وكذلك بعثناهم﴾ وكما أنمناهم تلك النومة كذلك أيقظناهم إظهاراً للقدرة على الإنامة والبعث جميعاً ﴿لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ﴾ ليسأل بعضهم بعضاً ويتعرفوا حالهم وما صنع الله بهم فيعتبروا ويستدلوا على عظم قدرة الله ويزدادوا يقيناً ويشكروا ما أنعم الله به عليهم ﴿قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ﴾ رئيسهم ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ كم مدة لبثكم ﴿قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ جواب مبني على غالب الظن وفيه دليل على جواز الاجتهاد والقول بالظن الغالب ﴿قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ بمدة لبثكم إنكار عليهم من بعضهم كأنهم قد علموا بالأدلة أو بإلهام أن المدة متطاولة وأن مقدارها لا يعلمه إلا الله ورُوي أنهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم بعد الزوال فظنوا أنهم في يومهم فلما نظروا إلى طوال أظفارهم وأشعارهم قالوا ذلك وقد استدل ابن عباس رضي الله عنه على أن الصحيح أن عددهم سبعة لأنه قد قال في الآية قال قائل منهم كم لبثتم وهذا واحد وقالوا في جوابه لبثنا يوماً أو بعض يوم وهو جمع وأقله ثلاثة ثم قال ربكم أعلم بما لبثتم وهذا


الصفحة التالية
Icon