﴿غَداً﴾ أي فيما يستقبل من الزمان ولم يرد الغد خاصة
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (٢٤)
﴿إِلاَّ أَن يَشَاء الله﴾ أن تقوله بأن يأذن لك فيه أو ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله أي إلا بمشيئته وهو في موضع الحال أي إلا ملتبساً بمشيئة الله قائلاً إن شاء الله وقال الزجاج معناه ولا تقولن إني أفعل ذلك إلا بمشيئة الله تعالى لأن قول القائل أنا أفعل ذلك إن شاء الله معناه لا أفعله إلا بمشيئة الله وهذا نهى نهي تأديب من الله لنبيه حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذي القرنين فسألوه فقال ائتوني غداً أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه ﴿واذكر ربك﴾ أي مشيئتة ربك وقل إن شاء الله ﴿إِذَا نَسِيتَ﴾ إذا فرط منك نسيان لذلك والمعنى إذا نسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر عن الحسن ما دام في مجلس الذكر وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولو بعد سنة وهذا محمول على تدارك التبرك بالاستثناء فأما الاستثناء المغير حكماً فلا يصح إلا متصلاً وحُكي أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة
الكهف (٢٧ - ٢٤)
رحمه الله خالف ابن عباس رضي الله عنهما في الاستثناء المنفصل فاستحضره لينكر عليه فقال له أبو حنيفة هذا يرجع عليك إنك تأخذ البيعة بالأيمان أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك فاستحسن كلامه وأمر الطاعن فيه بإخراجه من عنده أو معناه واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء تشديداً في البعث على الاهتمام بها أو صلاة نسيتها إذا ذكرتها أو إذا نسيت شيئاً فاذكره ليذكرك المنسي ﴿وَقُلْ عسى أَن يهدين رَبّى لأَِقْرَبَ مِنْ هذا رَشَدًا﴾ يعني إذا نسيت شيئاً فاذكر ربك وذكر ربك عند نسيانه أن تقول عسى ربي أن يهديني لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه رشداً وأدنى خيراً ومنفعه أن يهدين إن ترن أن يؤتين أن تعلمن مكى في الحالين ووافقه أبو عمرو ومدني في الوصل