حتى نجالسك نزل ﴿واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾
واحبسها معهم وثبتها ﴿بالغداة والعشى﴾ دائبين على الدعاء في كل وقت أو بالغداة لطلب التوفيق والتيسير والعشي لطلب عفو التقصير أو هما صلاة الفجر والعصر بالغُدوة شامي ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ رضا الله ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ ولا تجاوز عداه إذا جاوزه وعدى بعن لنضمن عدا معنى نبا في قولك نبت عنه عينه وفائدة التضمين إعطاء مجموع معنيين وذلك أقوى من اعطاء معنى فذ ﴿تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا﴾ في موضع الحال ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ من جعلنا قلبه غافلاً عن الذكر وهو دليل لنا على أنه تعالى خالق أفعال العباد ﴿واتبع هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ مجاوزاً عن الحق
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)
﴿وَقُلِ الحق مِن رَّبّكُمْ﴾ أي الإسلام أو القرآن والحق خبر مبتدأ محذوف أي هو ﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ أي جاء الحق وزاحت العلل فلم يبق إلا اختياركم لأنفسكم ما شئتم من الأخذ في طريق النجاة أو في طريق الهلاك وجئ بلفظ الأمر والتخيير لأنه لما مكن من اختيار أيهما شاء فكأنه مخير مأمور بأن يتخير ما شاء من النجدين ثم ذكر جزاء من اختيار الكفر فقال إِنَّا أَعْتَدْنَا هيأنا للظالمين للكافرين فقيد بالسباق كما تركت حقيقة الأمر والتخيير بالسياق وهو قوله إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاطبهم سُرَادِقُهَا شبه ما يحيط بهم من النار بالسرا دق وهي الحجرة التي تكون حول الفسطاط أو هو دخان يحيط بالكفار قبل دخولهم النار أو هو حائط من نار يطيف بهم وَإِن يَسْتَغِيثُواْ من العطش يُغَاثُواْ بِمَاء كالمهل هو دردي الزيت أو ما بِئْسَ الشراب