منصوبة الموضع والجزاء محذوف يعني أي شيء شاء الله كان والمعنى هلا قلت عند دخولها والنظر إلى ما رزقك الله منها الأمر ما شاء الله اعترافا بأنها وكل ما فيها إنما حصل بمشيئته الله وأن أمرها بيده إن شاء تركها عامرة وإن شاء خربها ﴿لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله﴾ إقراراً بأن ما قويت به على عمارتها وتدبير أمرها هو بمعونته وتأييده
الكهف (٤٣ - ٣٩)
من قرأ ﴿إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً﴾ بنصب أقل فقد جعل أنا فصلاً ومن رفع وهو الكسائي جعله مبتدأ وأقل خبره والجملة مفعولا ثانيا لترني وفي قوله ﴿وَوَلَدًا﴾ نصرة لمن فسر النفر بالأولاد في قوله وأعز نفرا
فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (٤٠)
﴿فعسى رَبّى أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مّن جَنَّتِكَ﴾ في الدنيا أو في العقبي ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا﴾ عذاباً ﴿مِّنَ السماء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ أرضاً بيضاء يزلق عليها لملاستها
أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (٤١)
﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا﴾ غائراً أي ذاهباً في الأرض ﴿فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾ فلا يتأنى منك طلبه فضلاً عن الوجود والمعنى إن ترن أفقر منك فأنا أتوقع من صنع الله ان يقلب ما بي وما بك من الفقر والغنى فيرزقني لإيماني جنة خيراً من جنتك ويسلبك لكفرك نعمته ويخرب بساتينك
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢)
﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ هو عبارة عن إهلاكه وأصله من أحاط به العدو لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه ثم استعمل في كل أهلاك ﴿فأصبح﴾ أي كافر ﴿يقلب كفيه﴾ يضرب احداهما على الأخرى ندماً وتحسراً وإنما صار تقليب الكفين كناية عن الندم والتحسر لأن النادم يقلب كفيه ظهر البطن كما كنى عن ذلك بِعَضِّ الكف والسقوط في اليد ولأنه في معنى الندم عُدي تعديته بعلي كأنه قيل فأصبح يندم ﴿عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا﴾ أي في عمارتها ﴿وَهِىَ خَاوِيَةٌ على عروشها﴾ يعني أن كرومها المعرشة سقطت عروشها على


الصفحة التالية
Icon