من السماء} أي هو كما أنزلناه ﴿فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض﴾ فالتف بسببه وتكاثف حتى خالط بعضه بعضاً أو أثر في النبات الماء فاختلط به حتى روى ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا﴾ يابساً متكسراً الواحدة هشيمة ﴿تَذْرُوهُ الرياح﴾ تنسفه وتطيره الريح حمزة وعلي ﴿وَكَانَ الله على كُلّ شَىْء﴾ من الإنشاء والإفناء ﴿مُّقْتَدِرًا﴾ قادراً شبه حال الدنيا في نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والإفناء بحال النبات يكون اخضر ثم يهج فتطيره الريح كأن لم يكن
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)
﴿المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا﴾ لا زاد القبر وعدة العقبى ﴿والباقيات الصالحات﴾ أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للإنسان أو الصلوات الخمس أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ﴿خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا﴾ جزاء ﴿وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ لأنه وعد صادق وأكثر الآمال كاذبه يعني أن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ويصيبه في الآخرة
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)
﴿وَيَوْمَ﴾ واذكر يوم ﴿نُسَيّرُ الجبال﴾ تُسيَّر الجبال مكي وشامي وأبو عمرو أي تسير في الجو أو يذهب بها بأن تجعل هباء منثوراً منبثاً ﴿وَتَرَى الأرض بَارِزَةً﴾ ليس عليها ما يسترها مما كان عليها من الجبال والأشجار ﴿وحشرناهم﴾ أي الموتى ﴿فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أحدا﴾ أي فلم نترك غدارة أي تركه ومنه الغدر ترك الوفاء والغدير ما غادره السيل
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (٤٨)
﴿وَعُرِضُواْ على رَبّكَ صَفَّا﴾ مصطفين ظاهرين ترى جماعتهم كما ترى كل واحد لا يحجب أحد أحداً شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ﴿لَّقَدْ جئتمونا﴾ أي قلنا لهم جئتمونا وهذا المضمر يجوز أن يكون عامل النصب في يوم نسير ﴿كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أي لقد بعثناكم كما أنشأناكم أول مرة أو جئتمونا عراة لا شيء معكم كما خلقناكم أولاً وإنما قال وحشرناهم ماضياً بعد نسير وترى للدلالة على حشرهم


الصفحة التالية
Icon