وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (٥٥)
﴿وَمَا مَنَعَ الناس أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الهدى﴾ أي سببه وهو الكتاب والرسول ﴿وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأولين أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب﴾ أن الأولى نصب والثانية رفع وقبلها مضاف محذوف تقديره وما منع الناس الإيمان والاستغفار انتظار أن تأتيهم سنة الأولين وهي الإهلاك أو انتظار أن يأتيهم العذاب أي عذاب الآخرة ﴿قُبُلاً﴾ كوفي أي أنواعاً جمع قبيل الباقون قِبلا أي عياناً
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (٥٦)
﴿وَمَا نُرْسِلُ المرسلين إِلاَّ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ يوقف عليه ويستأنف بقوله ﴿ويجادل الذين كَفَرُواْ بالباطل﴾ هو قولهم للرسل ما أنتم إلا بشر مثلنا ولو شاء الله لأنزل ملائكة ونحو ذلك ﴿لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق﴾ ليزيلوا ويبطلوا بالجدال النبوة ﴿واتخذوا آياتي﴾ القرآن ﴿وَمَا أُنْذِرُواْ﴾ ما موصولة والراجع من الصلة محذوف أي وما أنذروه من العقاب أو مصدرية أي انذرهم ﴿هُزُواً﴾ موضع استهزاء بسكون الزاي والهمزة حمزة بإبدال الهمزة واوا حفص وبضم الزاي والهمزة غيرهما
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (٥٧)
﴿ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه﴾
بالقرآن ولذلك رجع الضمير إليها مذكراً في قوله أن يفقهوه ﴿فَأَعْرَضَ عَنْهَا﴾ فلم يتذكر حين ذكر ولم يتدبر ﴿وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ عاقبة ما قدمت يداه من الكفر والمعاصي غير متفكر فيها ولا ناظر في أن المسيء والمحسن لا بد لهما من جزاء ثم علل إعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم بقوله ﴿إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ أغطية جمع كنان وهو الغطاء ﴿أن يفقهوه وفي آذانهم وَقراً﴾ ثقلاً عن استماع الحق وجمع بعد الإفراد حملاً على لفظ من ومعناه ﴿وَإِن تَدْعُهُمْ﴾ يا محمد