وفتح الياء كهداي مكي وهذا الظرف لا يتعلق بخفت لأن وجود خوفه بعد موته لا يتصور ولكن بمحذوف أو بمعنى الولاية في الموالي أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي ﴿وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا﴾ عقيماً لا تلد ﴿فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ﴾ اختراعا منك بلا سبب لأن امرأتي لا تصلح للولادة ﴿وَلِيّاً﴾ ابنا يلي أمرك بعدي
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)
﴿يرثني ويرث﴾ برفعهما صفة لوليا أي هب لي ولداً وارثاً مني العلم ومن آل يعقوب النبوة ومعنى وراثة النبوة أنه يصلح لأن يوحى إليه ولم يرد أن نفس النبوة تورث وبجزمهما أبو عمرو وعلي على أنه جواب للدعاء يقال ورثته وورثت منه ﴿من آل يعقوب﴾ يعقوب بن اسحق ﴿واجعله رَبّ رَضِيّاً﴾ مرضياً ترضاه أو راضياً عنك وبحكمك
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧)
فأجاب الله تعالى دعائه وقال ﴿يا زكريا إِنَّا نُبَشّرُكَ بغلام اسمه يحيى﴾ تولى الله تسميته تشريفاً له نبشرك بالتخفيف حمزة ﴿لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً﴾ لم يسم أحد بيحيى قبله وهذا دليل على أن الاسم الغريب جدير بالأثرة وقيل مثلاً وشبيها ولم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط وأنه ولد بين شيخ وعجوز وأنه كان حصوراً فلما بشرته الملائكة به
قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨)
﴿قَالَ رَبّ أنّى﴾ كيف ﴿يَكُونُ لِي غلام﴾ وليس هذا باستبعاد بل هو استكشاف أنه بأي طريق يكون أيوهب له وهو وامرأته بتلك الحال أم يحولان شابين ﴿وَكَانَتِ امرأتى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً﴾ أي بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام
مريم (١٦ - ٩)
كالعود اليابس من أجل الكبر والطعن في السن العالية عتيا وصليا