لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣)
﴿لاَ تَرْكُضُواْ﴾ والقائل بعض الملائكة ﴿وارجعوا إلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾ نعمتم فيه من الدنيا ولين العيش قال الخليل المترف الموسع عليه عيشه القليل فيه همه ﴿ومساكنكم لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ أي يقال لهم استهزاء بهم ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون غداً عما جرى عليك ونزل بأموالكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة أو اجلسوا كما كنتم في مجالسكم حتى يسألكم عبيدكم ومن ينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقولوا لكم بم تأمرون وكيف نأتي ونذر كعادة المنعمين المخدمين أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في نوازل الخطوب أو يسألكم الوافدون عليكم والطماع ويستمطرون سحاب أكفكم وقال بعضهم لبعض لا تركضوا أو ارجعوا إلى منازلكم وأموالكم لعلكم تسألون مالاً وخراجاً فلا تقتلون فنودي من السماء يالثارات الأنبياء وأخذتهم السيوف فثم
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤)
﴿قالوا يا ويلنا إِنَّا كُنَّا ظالمين﴾ اعترافهم بذلك حين لا ينفعهم الاعتراف
فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (١٥)
﴿فَمَا زَالَت تِلْكَ﴾ هي إشارة إلى يا ويلنا ﴿دعواهم﴾ دعاءهم وتلك مرفوع على أنه اسم زالت ودعواهم الخير ويجوز العكس ﴿حتى جعلناهم حَصِيداً﴾ مثل الحصيد أي الزرع المحصود ولم يجمع كما لم يجمع المقدر ﴿خامدين﴾ ميتين خمود النار وحصيدا خامدين مفعول ثان لجعل أي جعلناهم جامعين لمماثلة الحصد والخمود كقولك جعلته حلواً حامضاً أي جعلته جامعاً للطعمين
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦)
﴿وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ اللعب فعل يروق أوله ولا ثبات له ولاعبين حال من فاءل خلقنا والمعنى وما سوينا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من أصناف الخلق للهو واللعب وإنما سويناها ليستدل بها على قدرة مدبراه ولنجازي المحسن والمسيء على ما تقتضيه حكمتنا