أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١)
ثم أضرب عن المشركين منكراً عليهم وموبخاً فجاء بأم التي بمعنى بل والهمزة فقال ﴿أَمِ اتخذوا الِهَةً مّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ﴾ يحيون الموتى ومن الأرض صفة الآلهة لان آلهتهم كانتك متخذة من جواهر الأرض كالذهب والفضة والحجر وتعبد في الأرض فنسبت إليها كقولك فلان من المدينة أي مدني أو متعلق باتخذوا ويكون فيه بيان غاية الاتخاذ وفي قوله هم ينشرون زيادة توبيخ وإن لم يدعوا أن أصنامهم تحي الموتى وكيف يدعون ومن أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات انه يلزم من دعوى الألوهية لها دعوى الإنشار لأن العاجز عنه لا يصح أن يكون إلهاً إذ لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور والإنشار من جملة المقدورات وقرأ الحسن ينشرون بفتح الياء وهما لغتان ابشر الله الموتى ونشرها أي أحياها
لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)
﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله﴾ أي غير اله وصفت آلهة بالا كما وصتفت بغير لو قيل الهة غير الله ولا يجوز رفعه على البدل لأن لو بمنزلة إن في أن الكلام معه موجب والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالى ولا يلتفت منك أحد الا امرأتك ولا يجوز نصبه استثناء لأن الجمع إذا كان منكراً لا يجوز أن يستثنى منه عند المحققين لأنه لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء والمعنى لو كان يدبر امر السموات والأرض آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما ﴿لَفَسَدَتَا﴾ لخربتا لوجود التمانع وقد قررناه في أصول الكلام ثم نزه ذاته فقال ﴿فسبحان الله رَبّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ﴾ من الولد والشريك
لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)
﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾ لأنه المالك على الحقيقة ولو اعترض على السلطان بعض عبيده مع وجود التجانس وجوز الخطأ عليه وعدم الملك الحقيقي
الأنبياء (٢٩ - ٢٣)
لاستقبح ذلك وعد سفهاً فمن هو مالك الملوك ورب الأرباب وفعله صواب كله أولى بأن لا يعترض عليه ﴿وهم يسألون﴾ لأنهم مملوكون خطاءون


الصفحة التالية
Icon