قالت له امرأته يوما لو دعوت الله عز وجل فقال كما كانت مدة الرخاء فقالت ثمانين سنة فقال أنا أستحي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي فلما كشف الله عنه أحيا ولده بأعيانهم ورزقه مثلهم معهم ﴿رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا﴾ هو مفعول له ﴿وذكرى للعابدين﴾ يعني رحمة لأيوب وتذكرة لغيره من العبادين ليصبروا كصبره فيثابوا به
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥)
﴿وإسماعيل﴾ بن ابراهيم ﴿وإدريس﴾ بن شيث بن آدم ﴿وَذَا الكفل﴾ أي اذكرهم وهو الياس أو زكريا أو يوشع بن نون وسمي به لأنه ذو الحظ من الله والكفل الحظ ﴿كُلٌّ مّنَ الصابرين﴾ أي هؤلاء المذكورون كلهم موصوفون بالصبر
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦)
﴿وأدخلناهم فِى رَحْمَتِنَا﴾ نبوتنا أو النعمة في الآخرة ﴿إِنَّهُمْ مّنَ الصالحين﴾ أي ممن لا يشوب صالاحهم كدر الفساد
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)
﴿وَذَا النون﴾ أي اذكر صاحب الحوت والنون الحوت فأضيف إليه ﴿إِذ ذَّهَبَ مغاضبا﴾ حال أي مراغما لقومه ومعن مغاضبته لقومه أن أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها روي أنه برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يتعظوا وأقاموا على كفرهم فراغمهم وظن أن ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلا غضباً لله وبغضاً للكفر وأهله وكان عليه ان يصابروا وينتظر الإذن من الله تعالى في المهاجرة عنهم فابتلي ببطن الحوت ﴿فَظَنَّ أَن لَّن نقدر﴾ نضيق ﴿عليه﴾ وعنى ابن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دخل يوماً على معاوية فقال لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فيها فلم أجد لنفسي خلاصاً إلا بك قال وما هي يا معاوية فقرأ الآية فقال أو يظن نبي الله أن لا يقدر عليه قال هذا من القدر لا من القدرة ﴿فنادى فِى الظلمات﴾ أي في الظلمة الشديدة المتكائفة في بطن الحوت كقوله ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وتركهم في ظلمات أو ظلمة الليل والبحر بطن الحوت