وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)
﴿وَأَذّن فِى الناس بالحج﴾ ناد فيهم والحج هو القصد البليغ إلى مقصد منيع ورُوي أنه صعد أبا قبيس فقال يا أيها الناس حجوا بيت ربكم فأجاب من قدر له أن يحج من الأصلاب والأرحام بلبيك اللهم لبيك وعن الحسن أنه خطاب لرسول الله ﷺ أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع والأول أظهر وجواب الأمر ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ مشاة وجمع راجل كقائم وقيام ﴿وعلى كُلّ ضَامِرٍ﴾ حال معطوفة على رجال كأنه قال رجالاً وركباناً والضامر البعير المهزول وقدم الرجال على الركبان اظهارا لفضيلة المشاة كما ورد فى الحديث ﴿يأتين﴾ صفة لكل ضامر لأنه في معنى الجمع وقرأ عبد الله يأتون صفة للرجال والركبان ﴿مِن كُلّ فَجّ﴾ طريق ﴿عَميِقٍ﴾ بعيد قال محمد بن ياسين قال لي شيخ في الطواف من أين أنت فقلت من خراسان قال كم بينكم وبين البيت قلت مسيرة شهرين أو ثلاثة قال فأنتم جيران البيت فقلت أنت من أين جئت قال من مسيرة خمس سنوات وخرجت وأنا شاب فاكتهلت قلت والله هذه الطاعة الجميلة والمحبة الصادقة فقال
زر من هويت وإن شطت بك الدار

وحال من دونه حجب وأستار لا يمنعنك بعدٌ عن زيارته
إن المحب لمن يهواه زوّار
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)
واللام فى ﴿ليشهدوا﴾ ليحضروا معلق بأذن أو بيأتوك ﴿منافع لَهُمْ﴾ نكرها لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة دينية ودنيوية لا توجد في غيرها من العبادة وهذا لأن العبادة شرعت للابتلاء بالنفس كالصلاة والصوم أو بالمال كالزكاة وقد اشتمل الحج عليهما مع ما فيه من تحمل الأثقال وركوب الأهوال وخلع الأسباب وقطيعة الأصحاب وهجر البلاد والأوطان وفرقة الأولاد والخلان والتنبيه على ما يستمر عليه إذا انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء فالحج
الحج (٢٩ - ٢٨)
﴿ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام﴾ إذا دخل البادية لا يتكل فيها إلا على عتاده ولا يأكل إلا من زاده فكذا المرء إذا خرج من شاطئ الحياة وركب


الصفحة التالية
Icon