والهوي السقوط ﴿في مكان سحيق﴾ بعيد يجوز أن
الحج (٣٥ - ٣٢)
يكون هذا تشبيهاً مركباً ويجوز أن يكون مفرقاً فإن كان تشبيهاً مركباً فكأنه قال من أشرك بالله فقد أهلك نفسه أهلا كاليس بعده بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير فتفرق قطعاً في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المهالك البعيدة وإن كان مفرقاً فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء والذي أشرك بالله بالساقط من السماء والاهواء المردية بالطير المختلفة والشيطان الذي هو يوقعه في الضلال بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوى المتلفة
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)
﴿ذلك﴾ أي الأمر ذلك ﴿وَمَن يُعَظّمْ شعائر الله﴾ تعظيم الشعائر وهي الهدايا لأنها من معالم الحج أن يختارها عظام الأجرام حساناً سمانا غالية الأثمان ﴿فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب﴾ أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب فحذفت هذه المضافات وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)
﴿لَكُمْ فِيهَا منافع﴾ من الركوب عند الحاجة وشرب ألبانها عند الضرورة ﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ إلى أن تنحر ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا﴾ أي وقت وجوب نحرها منتهية ﴿إلى البيت العتيق﴾ والمراد نحرها في الحرم الذي هو في حكم البيت إذا لحرم حريم البيت ومثله في الاتساع قولك بلغت البلد العتيق يأباه
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤)
﴿وَلِكُلّ أُمَّةٍ﴾ جماعة مؤمنة قبلكم ﴿جَعَلْنَا مَنسَكًا﴾ حيث كان بكسر السين بمعنى الموضع علي وحمزة أي موضع قربان وغيرهما بالفتح على المصدر أي إراقة الدماء وذبح القرابين ﴿لّيَذْكُرُواْ اسم الله﴾ دون غيره ﴿مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنعام﴾ أي عند نحرها وذبحها


الصفحة التالية
Icon