يقل وقوم موسى لأن موسى ما كذبه قومه بنو إسرائيل وإنما كذبه غير قومه أو كأنه قيل بعد ما ذكر تكذيب كل قوم رسولهم وكذب موسى أيضاً مع وضوح آياته وظهور معجزاته فما ظنك بغيره ﴿فَأمْلَيْتُ للكافرين﴾ أمهلتهم وأخرت عقوبتهم ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ عاقبتهم على كفرهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ نكير﴾ انكاري وتعبيري حيث أبدلتهم بالنعم نقماً وبالحياة هلاكاً وبالعمارة خراباً نكيري بالياء في الوصل والوقف يعقوب
فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)
﴿فَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أهلكناها﴾ أهلكتها بصري ﴿وَهِىَ ظالمة﴾ حال أي وأهلها مشركون ﴿فَهِىَ خَاوِيَةٌ﴾ ساقطة من خوى النجم إذا سقط ﴿على عروشها﴾ يتعلق بخاوية والمعنى أنها ساقطة على سقوفها أي خرت سقوفها على الأرض ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف ولا محل لفهى خاوية من الإعراب لأنها معطوفة على أهلكناها وهذا الفعل ليس له محل وهذا إذا جعلنا كأين منصوب المحل على تقدير كثيراً من القرى أهلكناها ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ﴾ أي متروكة لفقد دلوها ورشائها وفقد تفقدها أو هي عامرة فيها الماء ومعها آلات الاستقاء إلا أنها عطلت أي تركت لا يستقي منها لهلاك أهلها ﴿وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ مجصص من الشيد الجص أو مرفوع البنيان من شاد البناء رفعه والمعنى كم قرية أهلكناها وكم بئر عطلناها عن سقاتها وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه أي أهلكنا البادية والحاضرة جميعاً فخلت القصور عن اربابها والآبار عن واردها والاظهران البئر والقصر على العموم
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض﴾ هذا حث على السفر ليروا مصارع من أهلكم الله بكفرهم ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يعقلون بها أو آذان يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ أي يعقلون ما يجب أن يعقل من التوحيد ونحوه ويسمعون