الكرة الثانية إذا ترك العفو وانتقم من الباغى وعرض مع ذلك بما كان أولى به من العفو يذكر هاتين الصفتين أو دل بذكر العفو والمغفرة على أنه قادر على العقوبة إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده كما قيل العفو عند القدرة
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١)
﴿ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وَأَنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ أي ذلك النصر للمظلوم بسبب أنه قادر على ما يشاء ومن آيات قدرته أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل أي يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا أو بسبب أنه خالق الليل والنهار ومصرفهما فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشر والبغي والإنصاف وأنه سميع لما يقولون ولا يشغله سمع عن سمع وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات بصير مما يفعلون ولا يستتر عنه شيء بشيء في الليالي وإن توالت وإن توالت الظلمات
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)
﴿ذلك بِأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّ مَا يدعون﴾ عرقى غير أبي بكر ﴿مِن دُونِهِ هُوَ الباطل وَأَنَّ الله هُوَ العلى الكبير﴾ أي ذلك الوصف بخلقه الليل والنهار وإحاطته بما يجري فيهما وإدراكه قولهم وفعلهم بسبب أن الله الحق الثابت إلهيته وأن كل ما يدعى إلهاً دونه باطل الدعوة وأنه لا شئ أعلى منه شأناً وأكبر سلطاناً
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء ماء﴾ مطرا ﴿فتصبح الأرض مخضرة﴾ بالنبات بعد ما كانت مسودة يابسة وإنما صرف إلى لفظ المضارع ولم يقل فأصبحت ليفيد بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان كما تقول أنعم عليّ فلان فاروح وأغدو شاكرا له ولو نصب لبطل الغرض وهذا لأن معناه إثبات الاخضرار