لاستقذاره آب لاستكباره ﴿وَلَوِ اجتمعوا لَهُ﴾ لخلق الذباب ومحله النصب على الحال كأنه قيل مستحيل منهم أن يخلقوا الذباب مشروطاً عليهم اجتماعهم جميعاً لخلقه وتعاونهم عليه وهذا من أبلغ ما أنزل فى تجهيل قريش حيث وصفوا بالإلهية التي تقتضي الاقتدار على المقدورات كلها والإحاطة بالمعلومات عن آخرها صوراً وتماثيل يستحيل منها أن تقدر على أقل ما خلقه الله تعالى واذله
الحج (٧٧ - ٧٣)
ولو اجتمعوا لذلك ﴿وإن يسلبهم الذباب شَيْئاً﴾ ثاني مفعولي يَسْلُبْهُمُ ﴿لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ﴾ أي هذا الخلق الأقل الأذل لو اختطف منهم شيئاً فاجتمعوا على أن يستخلصوه منه لم يقدروا عن ابن عباس رضى الله عنهما انهم كانوا يطلونها بالزعفران ورءوسها بالعسل فإذا سلبه الذباب عجز الأصنام عن أخذه ﴿ضَعُفَ الطالب﴾ أي الصنم بطلب ما سلب منه ﴿والمطلوب﴾ الذباب بما سلب وهذا كالتسوية بينهم وبين الذباب في الضعف ولو حققت وجدت الطالب أضعف وأضعف فإن الذباب حيوان وهو جماد وهو غالب وذاك مغلوب
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)
﴿ما قدروا الله حق﴾ ما عرفوه حق معرفته حيث جعلوا هذا الصنم الضعيف شريكاً له ﴿إِنَّ الله لْقَوِيٌ عَزِيزٌ﴾ أي إن الله قادر وغالب فكيف يتخذ العاجز المغلوب شبيهاً به أو لقوي بنصر أوليائه عزيز ينتقم من أعدائه
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)
﴿الله يَصْطَفِى﴾ يختار ﴿مِنَ الملائكة رُسُلاً﴾ كجبريل وميكائيل وإسرافيل وغيرهم ﴿وَمِنَ الناس﴾ رسلاً كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم عليهم السلام هذا رد لما أنكروه من أن يكون الرسول من البشر وبيان أن رسل الله على ضربين ملك وبشر وقيل نزلت حين قالوا أنزل عليه الذكر من بيننا ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لقولهم ﴿بَصِيرٌ﴾ بمن يختاره لرسالته أو سميع لأقوال الرسل فيما تقبله العقول


الصفحة التالية
Icon