وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨)
﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاءً﴾ مطراً ﴿بِقَدَرٍ﴾ بتقدير يسلمون معه من المضرة ويصلون إلى المنفعة أو بمقدار ما علمنا من حاجاتهم ﴿فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأرض﴾ كقوله فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأرض وقيل جعلناه ثابتاً في الأرض فماء الأرض كله من السماء ثم استأدى شكرهم بقوله ﴿وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لقادرون﴾ أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على إذهابه فقيدوا هذه النعمة بالشكر
فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩)
﴿فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ﴾ بالماء ﴿جنات مّن نَّخِيلٍ﴾
المؤمنون (٢٣ - ١٩)
﴿وأعناب لَّكُمْ فِيهَا﴾ في الجنات ﴿فواكه كَثِيرَةٌ﴾ سوى النخيل والأعناب ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ أي من الجنات أي من ثمارها ويجوز أن هذا من قولهم فلان يأكل من حرفة يحترفها ومن صنعة يغتلها أي أنها طعمته وجهته التي منها يحصل رزقه كأنه قال وهذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعايشكم منها ترزقون وتتعيشون
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠)
﴿وَشَجَرَةً﴾ عطف على جنات وهي شجرة الزيتون ﴿تخرج من طور سيناء﴾ طور سيناء وطور سنين لا يخلو إما أن يضاف الطور إلى بقعة اسمها سيناء وسيتون وإما أن يكون اسماً للجبل مركباً من مضاف ومضاف اليه كامرئ القيس وهو جبل فلسطين وسيناء غير منصرف بكر حال مكسور السين كقراءة الحجازي وأبي عمرو للتعريف والعجمة أو مفتوحها كقراءة غيرهم لأن الألف للتأنيث كصحراء ﴿تَنبُتُ بالدهن﴾ قال الزجاج الباء للحال أي تنبت ومعها الدهن تُنبت مكي وأبو عمرو إما لأن أنبت بمعنى نبت كقوله حتى إذا أنبت البقل أن لأن مفعوله محذوف أي تنبت زيتونها وفيه الدهن ﴿وَصِبْغٍ لّلآكِلِيِنَ﴾ أي إدام لهم قال مقاتل جعل الله تعالى في هذه إداماً ودهناً فالإدام الزيتون والدهن الزيت


الصفحة التالية
Icon