عقلاً وأثقبهم ذهناً ﴿بَلْ جَاءهُمْ بالحق﴾ الأبلج والصراط المستقيم وبما خالف شهواتهم وأهواءهم وهو التوحيد والإسلام ولم يجدوا له مرداً ولا مدفعاً فلذلك نسبوه إلى الجنون ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كارهون﴾ وفيه دليل على أن أقلهم ما كان كارهاً للحق بل كان تاركاً للإيمان به أنفة واستنكافاً من توبيخ قومه وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه كأبي طالب
وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١)
﴿ولو اتبع الحق﴾ أى الله ﴿أهواءهم﴾ فيما يعتقدون من الآلهة ﴿لفسدت السماوات﴾
المؤمنون (٧٧ - ٧١)
﴿والأرض﴾ كما قال لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إلا الله لفسدتا ﴿وَمَن فِيهِنَّ﴾ خص العقلاء بالذكر لأن غيرهم تبع ﴿بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ﴾ بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو شرفهم لأن الرسول منهم والقرآن بلغتهم أو بالذكر الذي كانوا يتمنونه ويقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين الآية ﴿فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ﴾ بسوء اختيارهم
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢)
﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ﴾ حجازي وبصرى وعاصم خرجا فخرج على وحمزة شامى خراجا فخراج وهو ما تخرجه إلى الإمام من زكاة أرضك وإلى كل عامل من أجرته وجعله والخرج أخص من الخراج تقول خراج القرية وخرج الكوفة فزيادة اللفظ لزيادة المعنى ولذا حسنت القراءة الأولى يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلاً من عطاء الخلق فالكثير من الخالق خير من ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين﴾ أفضل المعطين


الصفحة التالية
Icon