الشياطين يحثون الناس على المعاصي كما تهمز الراضة الدواب حثالها على المشى
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)
﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبّ أَن يَحْضُرُونِ﴾ أمر بالتعوذ من نخساتهم بلفظ المبتهل إلى ربه المكرر لندائه وبالتعوذ من أن يحضروه أصلاً أو عند تلاوة القرآن أو عند النزع
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩)
﴿حتى إذا جاء أحدهم الموت﴾ حتى يتعلق بيصفون أى لا يزالون يشركون إلى وقت مجئ الموت أو لا يزالون على سوء الذكر إلى هذا الوقت وما بينهما مذكور على وجه الاعتراض والتأكيد للإغضاء عنهم مستعيناً بالله على الشيطان أن يستزله عن الحلم ويغريه على الانتصار منهم ﴿قَالَ رَبّ ارجعون﴾ أي ردوني إلى الدنيا خاطب الله بلفظ الجمع للتعظيم كخطاب الملوك
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)
﴿لَعَلّى أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ في الموضع الذي تركت وهو الدنيا لأنه ترك الدنيا وصار إلى العقبى قال قتادة ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ولكن ليتدارك ما فرط لعلي ساكنة الياء كوفي وسهل ويعقوب ﴿كَلاَّ﴾ ردع عن طلب الرجعة وإنكار واستبعاد ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ﴾ المراد بالكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض وهو قوله رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴿هُوَ قَائِلُهَا﴾ لا محالة لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة والندم عليه ﴿وَمِن وَرَائِهِمْ﴾ أي أمامهم والضمير للجماعة ﴿برزخ﴾ حائل بينهم وبين
المؤمنون (١٠٨ - ١٠٠)
الرجوع إلى الدنيا ﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ لم يرد أنهم يرجعون يوم البعث وإنما هو إقناط كلي لما علم أن لا رجوع بعد البعث إلا إلى الآخرة


الصفحة التالية
Icon