فأمر أولاً بما يعصم من الفتنة ويبعد عن مواقعة المعصية وهو غض البصر ثم بالنكاح المحصن للدين المغنى عن الاحرام ثم بعزة النفس الأمارة بالسوء عن الطموح إلى الشهوة عند العجز عن النكاح إلى أن تقدر عليه ﴿والذين يَبْتَغُونَ الكتاب مِمَّا مَلَكَتْ أيمانكم﴾ أي المماليك الذين يطلبون الكتابة فالذين مرفوع بالابتداء أو منصوب بفعل يفسره ﴿فكاتبوهم﴾ وهو للندب ودخلت الفاء لتضمنه معنى الشرط والكتاب والمكاتبة كالعتاب والمعاتبة وهو أن يقول لمملوكه كاتبتك على ألف درهم فإن أداها عتق ومعناه كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفيت بالمال وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك أو كتبت عليك الوفاء بالمال وكتبت عليّ العتق ويجوز حالاً ومؤجلاً ومنجماً وغير منجم لإطلاق الأمر ﴿إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً﴾ قدرة على الكسب أو أمانة وديانة والندبية معلقة بهذا الشرط ﴿وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾ أمر للمسلمين على وجه الوجوب بإعانة المكاتبين وإعطائهم سهمهم من الزكاة لقوله تعالى وَفِي الرقاب وعند الشافعى رحمه الله معناه حطوا من بدل الكتابة ربعاً وهذا عندنا على وجه الندب والأول الوجه لأن الإيتاء هو التمليك فلا يقع على الحط سأل صبيح مولاه حويطباً أن يكاتبه فأبى فنزلت واعلم أن العبيد أربعة قن مقتنى للخدمة ومأذون فى التجارة وكاتب وآبق فمثال الأول ولي العزلة الذي حصل العزلة بإيثار الخلوة وترك العشرة والثاني ولي العشيرة فهو نجي الحضرة يخالط الناس للخبرة وينظر إليهم بالعبرة ويأمرهم بالعبرة فهو خليفة رسول الله ﷺ يحكم بحكم الله ويأخذ لله ويعطي في الله ويفهم عن الله ويتكلم مع الله فالدنيا سوق تجارته والعقل رأس بضاعته والعدل في الغضب والرضا ميزانه والقصد في الفقر والغنى عنوانه والعلم مفزعه ومنحاه والقرآن كتاب الإذن من مولاه هو كائن فى الناس
النور (٣٣)
بظواهره بائن منهم بسرائره فقد هجرهم فيما له عليم في الله باطناً ثم وصلهم فيما لهم عليه لله ظاهراً...