كما زعمت الثنوية ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء﴾ أي أحدث كل شئ وحده لا كما يقوله المجوس والثنوية من النور والظلمة ويزدان واهر من ولا شبهة فيه لمن يقول إن الله شئ ويقول بخلق القرآن لأن الفاعل بجميع صفاته لا يكون مفعولاً له على أن لفظ شئ اختص بما يصح أن يخلق بقرينة وخلق وهذا أوضح دليل لنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد ﴿فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ فهيأه لما يصلح له بلا خلل فيه كما أنه الإنسان على هذا الشكل الذي تراه فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في الدين والدنيا أوقدره للبقاء إلى أمد معلوم
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣)
﴿واتخذوا﴾ الضمير للكافرين لا ندراجهم تحت العالمين أو لدلالة نذيراً عليهم لأنهم المنذرون ﴿من دونه آلهة﴾ أي الأصنام ﴿لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ أي أنهم آثروا على عبادة من هو منفرد بالألوهية والملك والخلق والتقدير عبادة عجزة لا يقدرون على خلق شئ وهم يخلقون ﴿ولا يملكون﴾
الفرقان (٨ - ٣)
﴿لأَِنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً﴾ ولا يستطيعون لأنفسهم دفع ضرر عنها ولا جلب نفع إليها ﴿وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً﴾ إماتة ﴿ولا حياة﴾ أي إحياء ﴿وَلاَ نُشُوراً﴾ إحياء بعد الموت وجعلها كالعقلاء لزعم عابديها
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤)
﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا﴾ ما هذا القرآن ﴿إِلاَّ إِفْكٌ﴾ كذب ﴿افتراه﴾ اختلقه واخترعه محمد من عند نفسه ﴿وَأعانَهُ عليه قومٌ آخرون﴾ أي اليهود وعداس ويسار وأبو فكيهة الرومى قاله النضر بن الحرث ﴿فقد جاؤوا ظُلْماً وَزُوراً﴾ هذا إخبار من الله رد للكفرة فيرجع الضمير إلى الكفار وجاء يستعمل في معنى فعل فيعدى تعديتها أو حذف الجار وأوصل الفعل أي بظلم وزور وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من