لأن كل ملك يزول يومئذ فلا يبقى إلا ملكه ﴿للرحمن﴾ خبره ﴿وَكَانَ﴾ ذلك اليوم ﴿يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً﴾ شديداً يقال عسر عليه فهو عسير وعسر ويفهم منه يسره على المؤمنين ففي الحديث يهون يوم القيامة على المؤمنين حتى يكون عليهم أخف من صلاة مكتوبة صلوها في الدنيا
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ﴾ عض اليدين كناية عن الغيظ والحسرة لأنه من روادفها فتذكر الرادفة ويدل بها على المردوف فيرتفع الكلام به في طبقة الفصاحة ويجد السامع عنده فى نفسه من الروعة مالا يجده عند لفظ المكنّى عنه واللام في الظالم للعهد وأريد به عقبة لما تبين أو للجنس فيتناول عقبة وغيره من الكفار ﴿يقول يا ليتني اتخذت﴾ فى الدنيا ﴿مع الرسول﴾ محمد عليه الصلاة والسلام ﴿سبيلا﴾ طريقا إلى النجاى والجنة وهو الايمان
يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨)
﴿يا ويلتى﴾ وقرئ يا ويلتي بالياء وهو الأصل لأن الرجل ينادي ويلته وهي هلكته يقول لها تعالي
الفرقان (٣٢ - ٢٨)
فهذا أوانك وإنما قلبت الياء ألفاً كما فى صحارى ومدارى ﴿لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً﴾ فلان كناية عن الأعلام فإن أريد بالظالم عقبة لما روى أنه اتخذ ضيافة فدعا رسول الله عليه الصلاة والسلام فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل فقال له أبيّ بن خلف وهو خليله وجهي من وجهك حرام إلا أن ترجع فارتد فالمعنى يا ليتني لم أتخذ أبياً خليلاً فكنى عن اسمه وإن أريد به الجنس فكل من اتخذ من المضلين خليلاً كان لخليله اسم علم لا محالة فجعل كناية عنه وقيل وهو كناية عن الشيطان
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)
﴿لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذكر﴾ أي عن ذكر الله أو القرآن أو الإيمان ﴿بَعْدَ إِذْ جَاءنِى﴾ من الله ﴿وَكَانَ الشيطان﴾ أي خليله سماه شيطاناً


الصفحة التالية
Icon