لم أنزل عليك القرآن مفرقا
الفرقان (٣٥ - ٣٢)
فأعلم أن ذلك ﴿لِنُثَبّتَ بِهِ﴾ بتفريقه ﴿فُؤَادَكَ﴾ حتى تعيه ونحفظه لأن المتلقن إنما يقوى قلبه على حفظ العلم شيئا بعد شئ وجزا ولو ألقي عليه جملة واحدة لعجز عن حفظه أو لنثبت به فؤادك عن الضجر بتواتر الوصول وتتابع الرسول لأن قلب المحب يسكن بتواصل كتب المحبوب ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً﴾ معطوف على الفعل الذي تعلق به كذلك كأنه قال كذلك فرقناه ورتلناه أي اقرأه بترسل وتثبت أو بيناه تبييناً والترتيل التبيين في ترسل وتثبت
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)
﴿وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة كأنه مثل في البطلان ﴿إِلاَّ جئناك بالحق﴾ إلا أتيناك بالجواب الحق الذي لا محيد عنه ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً﴾ وبما هو أحسن معنى ومؤدى من مثلهم أي من سؤالهم وإنما حذف من مثلهم لأن في الكلام دليلاً عليه كما لو قلت رأيت زيداً وعمرا وإن كان عمرو أحسن وجها فيه دليل على أنك تريد من زيد ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه فقالوا تفسير هذا الكلام كيت وكيت كما قيل معناه كذا وكذا أو لا يأتونك بحال وصفة عجيبة يقولون هلا أنزل عليك القرآن جملة إلا أعطيناك من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا أن تعطاه وما هو أحسن تكشيفاً لما بعثت عليه ودلالة على صحته يعنى أن تنزيله مفرقا وتحديهم بأن يأتوا ببعض تلك التفاريق كلما نزل شئ منها أدخل في الإعجاز من أن ينزل كله جملة
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)
﴿الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شر﴾ الذين مبتدأ ثان وشر خبر أولئك وأولئك مع شر خبر الذين أو التقدير هم الذين أو أعنى الذين وأولئك